المتابع لخطاب أويحيى أمام نواب البرلمان بغرفتيه لاحظ عبارات التشاؤم، التي كان يستعملها الوزير الأول وكأننا في حالة “حرب” أو أننا دولة فقيرة بدون ثروات، فكان خطاب أويحيى خطابا شعبويا خال من برنامج سياسي واضح المعالم للخروج من الأزمة وزراعة الأمل في أوساط الشعب.
.. خطابه يشبه محاكمة تاريخية لضمير الغائب فبدلا من أن يقدم لنا الدواء راح يشخص لنا الداء ويبشرنا بسنوات عجاف ويزرع فينا ثقافة اليأس، كأنه فيلسوف اليأس، فلم تسلم منه لا معارضة ولا تيارات ولا جمعيات ولا الشعب.. وكأننا نحن من نهبنا أموال الشعب، وضيعنا البحبوحة الاقتصادية وضيعنا فرص النجاح والقفز نحو مستقبل زاهر.
هذا ما جاء به الوزير الأول الذي تاه بين غياب الميزانية لدفع المرتبات وبين التنمية الاقتصادية للخروج من الأزمة التي تسبب فيها هو ومن خلفه ومن سابقه فبدل أن يعالجنا بالمسكنات والمهدئات، عالجنا بالصدمة والصعقة الكهربائية.. بعبارات شعبوية من التراث القديم.
أما زعيم، “الباترونا”، علي حداد، فكان أكثر تفاؤلا وأكثر دبلوماسية من أويحيى فتصريحاته حملت عبارات التفاؤل، وكانت مطعمة بفقرات برنامج اقتصادي، رغم أن الكثير من أعضاء الباترونا يتحملون جزء كبيرا مما وصلت إليه الحالة الاقتصادية للبلاد باستنزافهم للعقار الصناعي وللعملة الصعبة، وأثقلوا كاهل البنوك بقروضهم الضخمة، التي قدرها أويحيى بـ 70 مليار دولار، ذهبت للقطاع الخاص ولم نر نتائجها ولا ثمار استثماراتها لحد اليوم ما عدا الثراء الفاحش، الذي ظهر عليهم وعلى أقاربهم وما ملكت أيمانهم.
وحتى لا نكون متشائمين أو ننظر بنظرة سوداوية، هناك استثمارات جدية، خلقت الثروة وساهمت في القضاء على البطالة وساعدت اقتصادنا المريض..، فنحن لا نشكك في نوايا “الباترونا”ولا في رئيسها في محاولة المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد إلى أن بعض أشباه المستثمرين “الجوارح” أكلوا كل ولم يقدموا شيئا للجزائر فمشاريعهم الحقيقية وراء البحار واقاماتهم الدائمة بين باريس ودبي.
فالمحاسبة آتية آجلا أم عاجلا ولعنة التاريخ ستصيبهم أينما حلّوا وارتحلوا.
