يسألونك عن التزوير الانتخابي في أمريكا فتقول إنه نادرا جدا ويعاقب مرتكبيه باشد معاقبة قانونية. فاللجنة الاستشارية التي اسسها الرئيس الاميريكى دونالد ترامب فى سنة 2018 للتحقيق فى تزوير الاصوات لم تكشف اي دليل يثبت ذلك، الشئء الذي أغضب الرئيس الاميريكي فقام بالغاء مهامها.
فإذا كان ذلك الحال فكيف يقود الرئيس الأمريكي حملة ادعائية مبنية أساسا على اكاذيب يروج لها مناصروه. هذا ويتعهد الرئيس ترامب بانه لن يتنازل عن منصبه اذا أعلن خصمه المرشح الديمقراطي جو بايدن رئيسا منتخبا لخلافته؟
سؤال أصبح يتردد في عديد وسائل الاعلام هذه الأيام منهم من ينظر إلى هذه الادعاءات كمحاولة من قبل ترامب وأنصاره لخلق الشك فى نزاهة الانتخابات محاولين إبعاد الناخبين وخاصة الأقليات منهم، عن التصويت كونهم عنصرا أساسيا يعول عليه المرشح الديمقراطي للفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.
وهناك من يذهب إلى أكثر من ذلك ليحلل بأن تطبيق القانون الأمريكي قد يساعد الرئيس في آخر المطاف للبقاء في الرئاسة إذا رفض التنازل على منصبه. فالقانون الانتخابي يفرض ان يحزم الفصل الانتخابي باعتراف أحد المترشحين بخسارته. اما اذا رفض احدهم الاعتراف بنتيجة الانتخابات فان الأمر يحال إلى القانون وهو ما يراهن عليه الرئيس ترامب بقوله إنه لن يقبل الهزيمة ولن يتنازل عن رئاسة البيت الأبيض. وهنا ستكون المعضلة.
لكن، كما يذكرنا فريد زكريا في عموده الأسبوعي بواشنطن بوست، فإن احتمال هذا السيناريو وارد بقوة. و يمكن اثبات كيف يمكن ان يحصل ذاك.
تعود جذور هذا الجدل إلى طريقة التصويت التي يمارسها الناخب الأمريكي حيث ينقسم الناخبون ما بين من يصوت عن طريق البريد و من يذهب الي صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات ليصوت بنفسه. وقد حصل أن أصوات الناخبين المرسلة بالبريد غيرت نتائج الاتنخابات بأيام عدة قبل انتهاء الانتخابات وإعلان النتيجة في وسائل الاعلام.
تفحص ما حصل في ولاية كاليفورنيا في الانتخابات التشريعية لسنة 2018 حيث أظهرت النتائج الأولية ان الجمهوريين لم خسروا إلا 26 مقعدا للديمقراطيين. ولكن بعد ان تم تعداد جميع الأصوات بما فيها المصوتون بالبريد تم اكتشاف أنهم لم يحصلوا علي اَي منصب بالمجلس، فكل مقاعد السلطة التشريعية أصبحت في صالح الديمقراطيين.
هذا وقد ضاعفت أزمة كورونا الحالية حظوظ الديقراطيين للفوز بالانتخابات الرئاسية بحكم انهم يتحكمون بأغلبية المصوتين عن طريق البريد والذي زاد عددهم أخيراً لدرجة أنها جذبت اهتمام الرئيس ترامب. فاستطلاعات الرأي العام تشير نسبة عدد المصوتين بالبريد الى أن هناك 87% منهم لصالح الديمقراطيين مقابل 13% لصالح الجمهوريين، وهناك استطلاعات اخرى تشير بأن 69% من هؤلاء سيصوّتون للديمقراطيين، كما جاء في عمود الكاتب الصحفي زكريا.
يطرح هذا الأخير السيناريو الحالي. فبناءا على تقديرات الاستطلاعات الحالية فإن الرئيس ترامب سيحصل يوم الثالث من نوفمبر على 408 صوت من المجمع الإنتخابي مقابل 130 لـ” جو بايدن “فور هذا يعلن الرئيس ترامب فوزه لكن بعد أربعة ايّام من ذلك وبعد فرز 75 بالمائة من عدد المصوتين بالبريد ترجح الكفة لصالح جو بايدن بعدد يساوي 334 مقابل 204 لترامب ولكن رغم هزيمته يرفض ترامب الاعتراف بنتائج الانتخابات تحت طائلة ادعائه أن الانتخابات مزورة ويرفض تنازله للرئيس المنتخب جو بايدن.
وهنا يرى بعض المحللين، توقع لجوء الولايات التي يحكمها الجمهوريون والتي قد يكون الديمقراطييون قد فازوا بها أن يلغوا النتائج الانتخابية ويخلفونها تحت ادعاء التزوير بقائمة ممثليهم، وقد تجد بعض الولايات التي يتقاسم فيها الجمهوريون والديمقراطيون السلطة السياسية في مأزق قانوني خطير. ففي ولاية وسكنسون، كما يذكر زكريا، يقوم الجمهوريون الذين يملكون الأغلبية بالمجلس التشريعي ان يُشرّعوا لفوز الجمهوريين ويعطون كل أصوات ولايتهم لصالح الرئيس ترامب. ولكن سيصطدمون بحاكم الولاية الديمقراطي الذي يملك حق الفيتو والذي بدوره سيقوم بإلغاء القائمه الجمهورية ويغيرها بقائمة ديمقراطية تُحسب لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن.
وكل هذا يؤدي إلى أزمة سياسية حادة تضاربت الاّراء في حلها. لكن الاحتمال المتوقع أن المحكمة العليا ستتدخل لفصل النزاع بتعيين رئيسها القاضي جون روبرتز لجمع الغونغرس بغرفتيه ولكن حتى في هذه الحالة فإن روبرتز قد ينحاز لترامب بسبب انتماءه الايديولوجي للحزب الجمهوري و بالتالي قد يقرر لصالح ترامب.
وهكذا يبقى ترامب في الحكم تقابله آثار سلبية على البلاد قد تجرها إلى أزمات أمنية وسياسية.
والحل، هناك من يرى تدخل السلطات العسكرية والسرية لإبعاد الرئيس ترامب من الحكم، كما تتوافر وجهة نظر أخرى و هي إمكانية رفض القاضي روبرت التدخل في هذه الأزمة ويعطي المسؤولية لغرفة النواب للكونغرس لاختيار من سيكون رئيس أمريكا. وتحت القانون الأمريكي ستصبح ناسي بلوسي رئيسة مجلس النواب والمحسوبة للديمقراطيين ،رئاسة الولايات المتحدة وحتى يتم تنظيم انتخابات جديدة، ويبعد بذلك الرئيس ترامب قانونيا من الحكم.
هذا هو المستقبل الأمريكي في حالة رفض الرئيس ترامب نتائج الانتخابات الرئاسية. فهل سيجر ترامب البلاد إلى فوهة حرب أهلية أم يقبل بحقيقة فشله ويبايع خصمه حتى يحمي أمريكا من عواقب كبرى تمس أمنها الوطني و شرعية نزاهة انتخاباته؟ وللحديث عودة
د. حمود صالحي
