الخط التحريري الموجَّه
منذ انطلاقتها عام 2003، قدّمت قناة “العربية” نفسها كقناة إخبارية عربية تسعى إلى منافسة “الجزيرة”. غير أنّ المتابع لمسارها التحريري يلمس سريعاً أنّها تخدم أجندات سياسية وإقليمية محددة، حيث يطغى التوجيه السياسي على المبدأ الصحفي، فتتحول الأخبار إلى رسائل موجّهة أكثر منها تقارير مهنية.
تطبيع الحضور الإسرائيلي
أحد أبرز الملامح في خطاب “العربية” هو الرهان على إظهار الصوت الإسرائيلي بشكل متكرر وبارز. فالقناة تستضيف مسؤولين صهاينة وتبث تصريحاتهم كاملة، في حين يتم تهميش الرواية الفلسطينية أو تقديمها بشكل باهت. هذه السياسة الإعلامية تُفسَّر على أنها محاولة لتطبيع وجود الكيان الصهيوني في الوعي العربي.
تسريبات عبد الناصر: ضرب الرموز
الجدل تضاعف حين بثت “العربية” تسريبات صوتية للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الرمز التاريخي للمقاومة ضد الاستعمار والصهيونية. وبصرف النظر عن محتوى هذه التسريبات، فإن توقيتها وطريقة عرضها اعتُبرا محاولة لضرب صورة الزعيم القومي وإعادة صياغة التاريخ لخدمة أجندات معاصرة.
إعادة كتابة تاريخ مزيف
إلى جانب استهداف الرموز القومية، تسعى “العربية” إلى إعادة كتابة تاريخ مزيف يخدم دويلات لا تملك أي رصيد نضالي ولا إرث تحرري.
يتم تقديم هذه الدويلات وكأنها قوى قائدة للتاريخ العربي الحديث، في حين أنّ تاريخها ارتبط بالتبعية للقوى الاستعمارية، لا بالكفاح ضدها. هذا التلاعب بالتاريخ يعد أخطر أشكال التضليل الإعلامي لأنه يستهدف الذاكرة الجماعية للأمة.
زرع الفتنة بين الدول
كثيراً ما تُتهم “العربية” بأنها تضخّم الخلافات العربية-العربية وتعيد بث الأخبار والمواقف بطريقة تؤدي إلى إذكاء الفتنة بين الدول بدل تقريب وجهات النظر. هذا النمط الإعلامي يجعل القناة أداة للتأزيم السياسي بدل التهدئة.
الأجندات الخفية للإعلام
كل هذه المؤشرات تدفع إلى التساؤل: لمن تعمل “العربية”؟
فالظاهر أنها قناة إخبارية، لكن المتعمق يكتشف أنّها منبر للتطبيع وذراع إعلامية لأجندات خفية تتقاطع فيها مصالح قوى إقليمية ودولية على حساب قضايا الأمة المركزية.
خاتمة تحذيرية
إنّ ما تقدمه “العربية” لم يعد مجرد أخبار، بل هو خيانة إعلامية منظمة، تستهدف العقول العربية عبر تلميع الكيان الصهيوني، تشويه رموز المقاومة، وإعادة كتابة تاريخ مزيف يخدم دويلات بلا نضال ولا هوية تحررية.
وعلى المشاهد أن يدرك أنّ الحرب الإعلامية أخطر من الحرب العسكرية، لأنها تسعى لتفكيك الصف العربي من الداخل. لذلك، فإن التصدي لهذا الخطاب واجب قومي وأخلاقي، عبر الوعي النقدي والبحث عن الحقيقة من مصادر إعلامية وطنية مستقلة.