بقلم :جمال بن علي
يعيش المغرب اليوم حالة غير مسبوقة من التناقضات الحادة: على واجهة الخارج، ينتهج النظام و المهرج بوريطة دبلوماسية قائمة على شراء الذمم بالمال المشبوه المرتبط بعائدات المخدرات، في محاولة لفرض شرعية دولية على حساب الشرعية الداخلية. أما في الداخل، فالمشهد يغلي: احتجاجات شعبية متكررة تعم مدن المملكة من الشمال إلى الجنوب، تعبّر عن غضب عارم من الفقر، البطالة، والفساد المستشري.
صراع البلاط وتجاهل الشعب
بين “المخزن” و”الديوان الأسود”، يتواصل صراع النفوذ داخل البلاط، حيث تتكدس الثروات في أيدي قلة مرتبطة بالملك و بدوائر الحكم، بينما يُترك الشعب لمواجهة قسوة الحياة اليومية. هذا الانشغال بالنفوذ على حساب المسؤولية تجاه المواطن يضاعف من حالة الاحتقان الاجتماعي ويدفع الناس إلى الشارع.
أمثلة صارخة على التردي
هجرة جماعية للشباب: آلاف المغاربة يركبون قوارب الموت نحو إسبانيا وإيطاليا، هرباً من انسداد الأفق. و الضلم المستمر
حراك الريف (2016–2017): خرجت احتجاجات واسعة في الحسيمة للمطالبة بالتنمية ورفع التهميش، وقوبلت بقمع واعتقالات طويلة الأمد لرموز الحراك.
أزمة التعليم: أساتذة التعاقد ينظمون احتجاجات متواصلة منذ سنوات، يطالبون بالإدماج والكرامة، وغالباً ما يتم تفريق مظاهراتهم بالقوة. و القتل العمدي دهسا بالسيارات
غلاء الأسعار: موجات غلاء غير مسبوقة في المواد الغذائية والمحروقات، جعلت القدرة الشرائية للمغاربة تنهار، وهو ما أثار احتجاجات في فاس، الدار البيضاء، طنجة، ومراكش ووجدة و بركان
تقرير البنك الدولي وصندوق النقد: يؤكدان أن نصف الشباب المغربي يعيش بلا عمل أو أمل، في وقت تستأثر فيه نخبة محدودة بخيرات البلاد.
الاحتلال الغاشم للصحراء الغربية
في الوقت نفسه، يصر نظام المخزن على المضي في احتلاله الغاشم للصحراء الغربية، متجاهلاً حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومعتمداً على صفقات سياسية ومالية مع قوى دولية و تحالف مع الصهاينة الأنجاس لضمان استمرار الوضع. هذا النهج يستهلك موارد البلاد ويزيد من عزلة المغرب في المنطقة، بدل أن يفتح آفاقاً حقيقية للتكامل والتنمية.
شعب يصرخ في الشوارع
الاحتجاجات التي تتسع رقعتها في المدن المغربية ليست مجرد أحداث معزولة، بل هي انعكاس لأزمة بنيوية عميقة. المواطنون، من الطلبة إلى المعطلين مروراً بالعمال والفلاحين، يرفعون صوتهم عالياً ضد الظلم الاجتماعي والسياسي، في وقت يواجهون فيه آلة قمعية لا توفر سوى المزيد من الاعتقالات والمحاكمات التعسفية.
إن المغرب، وهو غارق بين فساد السلطة، و دبلوماسية الرشوة الدولية، والاحتجاجات الشعبية المتصاعدة، يقف عند مفترق طرق تاريخي: إما يستجيب لمطالب الشعب، أو الاستمرار في سياسة الهروب إلى الأمام، بما يحمله ذلك من الانفجار الاجتماعي والسياسي والذي يؤذي إلى زوال الملكية و الدخول في نفق الفوضى و الخراب.