ما يجب أن يقال.. الصفوة المتميزة

فكرة نظام الصفوة المتميزة في الجزائر أكدت نفسها فيما بعد كفكرة لها قدرة عالية على التدمير، وتجلى ذلك أكثر ما تجلى في عصرنا هذا كما يسمونه عصر الركود العظيم.
إن البعض استفاد من السلطة وبريقها وأخذ منها أكثر مما أعطاها.
لقد كان أثر امتيازات الصفوة أن كل الدوائر المحيطة بالسلطة وصناع القرار، راحت تطيع بغير مساءلة، وشيئا فشيئا تعودت الخضوع خشية على الامتيازات وحرصا على عدم ضياعها.
وأتذكر انني سألت يوما رئيس حكومة سابق، وقد سمعته ناقدا لكل الأوضاع، وسألته: “لماذا لم يتكلم من قبل ؟”، أو بالأحرى لما كان في السلطة، وبتفسيره ببساطة “كنت أستطيع أن أتكلم ولكن ماذا أفعل؟ أولادي في المدارس الأوروبية وطعامهم أحسن ما هو موجود وعلاجهم في أحسن المستشفيات ولهم احدث السيارات وأنا مازلت أحتفظ بالسائق والشغالين وزوجتي مشغولة مابين شقة باريس وفيلا ماربيلا والى جانب ذلك فرص العودة إلى السلطة تراودني، وإذا كان من حقي أن أجازف بمنصبي فكيف أجازف بمستوى حياة أسرتي؟”.
ولهذا لم يتكلم القادرون على الكلام في وقته، وحين تكلم بعضهم، تكلموا في الثانية الأخيرة من الدقيقة الأخيرة حين كان الوقت قد فات.
وضيع القادرون على الكلام فرصتهم، وبعضهم أضاع منصبه، ويوما بعد يوم زاد عدد القادرين على الكلام، ويوم بعد يوم زاد عدد المؤثرين للصمت.
ويما بعد يوم زاد عدد المستعدين للمسيارة ومسابقة المسؤول على القمة فما يريد قبل أن ينطق بحرف واحد وتدنى مستوى المسؤولية في الأحزاب والدولة.
ومع الاستعداد لقبول الامتيازات في مقابل السكوت، ظهر المستفيدون على كل المستويات القيادية لقبول ما قد يمكن أن يخرجهم من دائرة الحاجة إلى حياة الرفاهية والبذخ مقابل السكوت المصحوب بالولاء والطاعة، ولقد عشعش الفساد ووصلت بعض القضايا إلى المحاكم وخير مثال الطريق السيار وسونطراك وما خفي كان أعظم.