ما يجب أن يقال.. 05 أكتوبر ضجيج أطفال أم صراع مصالح؟

بعد أن ذهبت رياح التغيير بدت الديمقراطية في الجزائر لبعض الأطراف مهربا كما هي حال 29 سنة مضت على أول احتجاجات شعبية تعرفها الجزائر المستقلة بدون مطالب سياسية، بعد أحداث الربيع الأمازيغي سنة 1980، في 05 أكتوبر 1988 انتفضت مجموعات كبيرة أغلبها من الشباب عبر مختلف الولايات رافعة شعارات منددة بغلاء المعيشة والبطالة و التهميش الاجتماعي.
أحداث جاءت في سياق إقتصادي صعب وفي صراع كواليس طاحن، كان يدور في كواليس الرئاسة بين جماعة العربي بلخير وجماعة حمروش، برعاية الشاذلي بن جديد، بالمعنى المفهوم بين أنصار الإصلاحات الاقتصادية، التي كان ينادي بها مولود حمروش وبين الحرس القديم بقيادة “كاردينال فرندة” العربي بلخير، الذي كان يطالب بإزالة إسم الأمن العسكري لمصالح الإستخبارات وتقسيم هذا الجهاز “البعبع”، الذي أرعب المعارضة في الداخل والخارج والذي كان مطلب فرنسا مثلما قال لنا المرحوم قائد الأركان سابقا مصطفى بلوصيف، المهم صراع الأجنحة وحسابات المخابر ومكائد الصالونات اكدها الرئيس الشاذلي في خطابه الشهير والذي طالب فيه الشعب بالتظاهر ضد غلاء المعيشة مع انتشار شعارات معادية لمساعدية و”الأفلان” داخل الملاعب وهي نفس الشعارات، التي رفعت ورددت في انتفاضة الشارع والتي قال عنها مسؤول جزائري رفيع المستوى أنها ضجيج أطفال.
فثورة أكتوبر أو “خريف الغضب” كانت مطالبه اجتماعية استغلها البعض لتحويلها إلى مطالب سياسية وتم بموجبها فتح المجال السياسي والإعلامي، الذي نعيشه الآن.
السؤال أين وصلنا بعد 29 سنة؟ وماذا تحقق؟، ماذا أعطتنا التعددية السياسية؟ عشرية سوداء ادخلتنا في نفق مظلم مازلنا إلى غاية اليوم نبحث عن الأفق، وتعددية إعلامية بدأنا نفقد الكثير منها خاصة في مجال حرية التعبير وصناعة الرأي العام.
فهل غياب إستراتيجية واضحة المعالم لأحداث أكتوبر هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن؟ أم أنها فعلا كانت صراع مصالح دفع ثمنه الشباب البطال واستفادت منه دوائر الظل و خفافيش الظلام.
فاليوم الأسباب، التي أدت إلى قيام أحداث أو ثورة أو انتفاضة أكتوبر مهما كانت مسمياتها، لا زالت قائمة سواء كانت عفوية أو بإيعاز لأن السلطة الحالية تريد أن تحل مشاكل الميزان الاجتماعي والاقتصادي عبر الميزان الأمني و هذا تناقض غريب لأن الاضطرابات والقلاقل والغضب الاجتماعي لا تقاوم بالعصا الغليظة أو وسائل قمعية أو بقروض أونساج أو بمسح الديون.
فنحن اليوم نعيش أوضاع حساسة ومتداخلة وقابلة للإشتعال، حدود ملتهبة، فساد، سوء تسيير عام، فكل هذا يجعل السخط أكبر و لا يمكن أن يقابل إلا بالعدالة الإجتماعية و بتوزيع عادل للثروات وبمحاربة حازمة للفساد قبل أن تستفحل.