النفايات المتجددة والإرهاب الديمقراطي ؟!
إن تجربة الديمقراطية في الجزائر أثبتت أن الذين يتحدثون عن الإسلام هم آخر من يستطيع تحمل أحكامه ولعلها أثبتت أيضا أن الذين يتحدثون عن الديمقراطية هم آخر من يستطيع تحمل نتائجها.
الحديث هنا عن أزمة التسعينات وعن الحراك الشعبي ، فنفس المؤشرات ونفس الأساليب التي ظهرت عند بداية العشرية الحمراء، بدأت وللأسف تلوح في الأفق فإن العنف اللفظي والسياسي الذي بدأت تسوقه أبواق سياسية لها حقد دفين على الدولة الجزائرية جمعت لذلك كل التناقضات في التحالفات السياسوية الظرفية، مثلا العلماني مع الإسلاماوي والشيوعي الفرونكوفوني مع العروبي البعثي في وئام افتراضي، ظاهره انسجام وباطنه نفاق وشقاق، تحالفات ظرفية لتنفيذ أجندة واحدة خدمة وطاعة لأرباب متفرقة.
فضاءات للدعاية والتضليل والتهويل مجهولة التمويل، مثلا دعاة الديمقراطية الجدد الذين أصبحوا يتغنون بالوحدة وبالأخوة كانوا في التسعينات يخونون ويكفرون ويقصون، اليوم استئصالي الأمس أصبح يدافع على إسلاماوي اليوم وتصالح الجلاد مع الضحية من أجل نوايا غير بريئة بشعارات حق أريد بها باطل.
الترويج للعنف وتقديمه إعلاميا على أنه عمل ديمقراطي بطولي هو جريمة مكتملة الأركان قانونيا وأخلاقيا، مثلا بث صور مواطنين بالمطرقة يغلقون مكاتب بلدية ويهددون كل من ينتخب فهذا تعدي على الأملاك العمومية وترهيب وبلطجة سياسية إعلامية، ومن غرائب الصدف، بداية الأعمال الإرهابية والانفلات الأمني بدأ في مدينة البويرة واليوم غلق البلديات وترهيب المواطنين يبدأ من نفس الولاية مع احترامنا لسكان الولاية الشرفاء المجاهدين الأخيار، فهنا الحديث عن القلة القليلة من المتطرفين الجدد الذين يدعون للدفاع عن الديمقراطية ضد الديمقراطية، فكان الأجدر بهم أن يدافعوا عن قناعاتهم سلميا ويقاطعوا الانتخابات ويحترموا من ينتخب.
هذه هي الديمقراطية وهذه هي الأخلاق والممارسة السياسية مثلما يقول الإمام الشافعي رحمة الله عليه:”رأيك صواب يحتمل الخطأ ورأينا خطأ يحتمل الصواب”، لذلك نقول الجزائر ليست بحاجة إلى المغامرين ولا المتهورين سياسيا والتغيير المنشود لا يأتي بالمعتوهين سياسيا ولا بالنفايات المتجددة.
الجزائر وطن أكبر مما نتصور ونتخيل ، أرض مات من أجلها مليون ونصف مليون شهيد، فلا يجب أن نتركها لعبة على طاولة قمار أعداء الأمس ودويلات الفتنة والخراب وبيادق من “الزومبي” السياسي والإعلامي.