الشعارات الإنتخابية الجوفاء.. نصيحة لوزير لم يطلبها
في بداية عصر الفلسفة الإغريقية حاول أرسطو أن يقيم جسرا بين الأخلاق والسياسة وفي بداية العصر الحديث حاول “ماكيا فيللي” أن يزيل هذا الجسر بين الأخلاق والسياسة.
وعلى طول العصور وعلى طول التاريخ الإنساني قبل وبعد “أرسطو ” وقبل وبعد “ماكيا فيللي”، كانت السياسة باستمرار تسعى إلى ما تريد، وكانت في سعيها تحاول قدر ما تستطيع أن تجد قيما أخلاقية ومبادئ ترفع بها شعاراتها وتحقق بها أهدافها.
اليوم في بلادنا في زمن انتخابات “الكوطة” و”المال الفاسد” والعزوف الاننتخابي أصبحت إدارتنا الرشيدة تحث المواطن الغلبان على أمره، أن ينتخب بالشعارات الجوفاء و”الأفيشات” المأخوذة من هنا وهناك فمرة “سمع صوتك” ومرة “معا نبني الجزائر” والبناء يأتي بعد الدمار، السؤال المطروح من هدم الجزائر؟؟ حتى نبنيها في 2017 أي بعد 55 سنة من الإستقلال؟؟.
ونحث المواطن بخطابات سياسية بعيدة عن الواقع كأن نرهّبه بأن العدو يتربص بنا إن لم تنتخب، وبأن هذه الإنتخابات فرصتك الأخيرة و”تعال تنتخب بقوة لكي نعطي العدو درسا لن ينساه”، وغير ذلك من الشعارات المضحكات المبكيات، التي أبدع فيها ملف الرداءة السياسة الإعلامية، المحيطة بالإدارة، التي أصبحت تنتظر الإستحقاقات الإنتخابية بفارغ الصبر لكي تسترزق عبر مناقصات التراضي مع شركات الإنتاج للأصحاب والأحباب، ويا ريت تنفع وتستنفع، بالعكس أعطتنا شعارات و”لوغوهات” من الحزب الشيوعي السوفياتي سابقا أكل عليها الدهر وشرب وصدق من قال: “فاقد الشيئ لا يعطيه”.
نحن نعرف حسن نوايا الوزير وإرادته وحبه لعمله ووطنيته التي لا يشك فيها أحد..، لكن البطانة هي من تقرر وهي من تقترح، فالفشل يتحمله الوزير والنجاح يتقاسمه حلف الرداءة الإعلامية السياسية.
فيا سيادة الوزير نصيحتنا لك أن تعرف أن لك أفكارا جيدة وأنك مبدع ولك الحس الفني فأمسك بزمام الأمور ودعك من شعارات “سمع صوتك” و”معا نبني الجزائر”، فهذه شعارات منفِّرة مثل أصحابها، بعيدة عن الأخلاق وبعيدة عن السياسة فحلف الرداءة لا يهمه سوى المصالح الضيقة وجوازات الحج والتباهي بسيارات الإدارة في (الدوار والمداشر ).
الانتخابات الأخيرة بألمانيا، على سبيل المثال لا للحسر كان شعارها “ألمانيا تختار” فلنأخذ العبرة من غيرنا وكفانا شعارات هي أحد أسباب العزوف الإنتخابي يا سيادة الوزير، اليوم يبدو أن هذه الشعارات الجوفاء لم تعد ضرورية ولا عادت لازمة في زمن أصبحت فيه الإنجازات والمواقف والبرامج هي وحدها، التي تدفعك نحو الانتخاب ولم نعد في حاجة إلى تضييع الوقت لكي نغطي و”نُزوِق” بالشعرات حقائق القوة العارية، سيادة الوزير نعلم أن تصريحاتك بريئة ونابعة من حماسة ثقافة الدولة لدى المسؤول.
نتمنى أن تعطيك تجربة الوزارة ما لم تعطه لك أحلام الولاية، دمتم ودمنا في خدمة هذا الوطن الغالي.