لماذا يموت قسم من البشر بالكورونا والقسم الآخر يلتقط الفيروس دون أن يشعر بشيء ؟
رغم الغموض الذي ما زال يكتنف نوع وطبيعة “الحيوان-الضيف” الذي سهّل انتقال فيروس Sars-CoV-2 من الحياة البرّية إلى الحياة البشرية، تعرّفت دراسة منشورة بتاريخ ٢٦ مارس/آذار في مجلّة Nature على عائلتين منبثقتين من فيروس الكورونا تتطابق إلى حدّ كبير مع التكوين الجيني لفيروس الكورونا Sars-CoV-2 الذي متى استفحل في جسم الانسان يوقع بالمتلازمة التنفسية الحادة المٌختصرة أعراضها الوخيمة بالداء الحديث الحامل لتسمية Covid-19.
يمكنكم التعمّق في تفاصيل البحث الذي نشر حديثا في مجلة Nature على هذا الرابط :
https://www.nature.com/articles/s41586-020-2169-0
هذه الدراسة التي قادها باحثون من جامعات Shantou و Hong Kong وGuangxi و Beijing و Sydney، استطاعت، إثر تعمّقها في فهم ترتيب المتواليات الجينية (قراءة الراموز الجيني) لحيوانات آكلات النمل الماليزية Malayan Pangolins (Manis javanica)، التعرّف على مجموعات فرعية من فيروس Sars-CoV-2.
وُجدت المجموعات الفرعية من فيروس الكورونا المسبّب للجائحة العالمية ضمن أنسجة ١٨ حيوان آكل للنمل، كان سبق للسلطات الصينية في منطقة Guangxi أن وضعت يدها عليها وقامت بتثليجها في البرّادات بُعيد عملية ضبطية أوقفت مهرّبين يتاجرون بهذه الحيوانات ما بين عامي ٢٠١٧ وبداية عام ٢٠١٨.
إنَّما بالعودة إلى صلب موضوعنا المختار لعنوان هذا المقال الذي يتساءل عن أسباب مقتل البعض بفيروس الكورونا فيما هناك مجموعات سكانية كبيرة حول العالم التقطت هذا الفيروس الحديث دون أن تشكو من شيء، نلفت انتباهكم إلى أنّ فيروس Sars-CoV-2 يتحدّر منه سلالتين متفرّقتين على صعيد مستقبلاتهما السطحية هما فئة “L” وفئة “S”، بناء على ما جاء ضمن دراسة كانت صدرت في الثالث من الشهر الحالي في مجلة National Science Review.
تعتبر فئة “S” من فيروس Sars-CoV-2 هي الفئة البدائية التي وصلت من الحيوان الى الانسان لتنتشر عدواها الأولى ما بين البشر نهاية عام ٢٠١٩ في الصين. بعد تلك الفترة ومع مطلع شهر يناير/كانون الثاني، نابت وحلّت مكان فئة “S” أختها الأخرى المعروفة بفئة “L”. هذه الأخيرة، بعدما تكيّفت وتآلفت مع جسم الانسان، باتت معدية جدا وأكثر شراسة لتعبث بصحة الانسان وتساهم بالانتشار السريع لوباء الكورونا الذي سرعان ما أخذ طابعا عالميا بتحوّله إلى جائحة طالت القارات كافّة. إلى حدّ اليوم، تمّ إحصاء أكثر من ٧٠٠ ألف حالة مُسجّلة رسميا على أنها متعايشة مع فيروس Sars-CoV-2.
إلى تاريخ هذا اليوم، تمثل الحالات البشرية المُلتقطة لفئة “L” من فيروس الكورونا الحديث وَلَكِن ذات النوع الخطير ٧٠ ٪ فيما الحالات البشرية الملتقطة لفئة “S” من فيروس الكورونا المستجد تمثل ٣٠٪.
يُعرف عن فئة “S” من فيروس الكورونا الحديث التي هي آخذة بالانتشار الجغرافي من جديد أنها فئة مسالمة أكثر من أختها الأخرى فئة “L”. ولذلك، لا يظهر على الانسان أية أعراض حينما يلتقط فئة “S” من فيروس Sars-CoV-2، بخلاف ما يحصل بعيد التقاط الانسان لفئة “L” المسبّبة للحرارة والتهاب الحلق والسعال الجاف ولقصور الرئة.
إلى هذا، لم تُستبعد بعد فرضية أن تكون طرأت تعديلات جينية على الفئة الشرسة من فيروس الكورونا المستجد. فإن شئنا القيام بقراءة لما يجري في إيران حيث نسبة وفيات الكورونا وصلت إلى ٥،٥ ٪ مقابل ٢-٣٪ في باقي بلدان العالم، فقد يكون فيروس الكورونا حينما وصل إلى إيران، تبدّل جينيا ما يعلّل سبب ضراوته وشراسته وأذيته لعضلة القلب في هذا البلد أكثر بكثير من سائر البلدان.
في الختام، ننوِّه إلى أنّ فرضية التحوّل الجيني للفيروس المسبّب لداء الكوفيد-١٩ ما زالت ضعيفة ومُستبعدة، على الرغم من أنّ الخبراء الإيطاليين لاحظوا أنّ النسخة الصينية من فيروس Sars-CoV-2 كانت مختلفة عن النسخة الإيطالية.