ما يجب أن يقال.. الساحل الإفريقي بين حسابات الجار ورهانات الكبار

منذ ظهور الجماعات الإسلامية المسلحة في الساحل الإفريقي وسقوط نظام القذافي بليبيا والفوضى العارمة، التي تلته ونزوح الآلاف من الأفارقة مدججين بالأسلحة نحو الساحل وبداية ظاهرة خطف الأجانب والتفجيرات الإرهابية، التي تحصل من حين لآخر في مالي، النيجر..، جعلت الكثير من المراقبين والمحليين المهتمين بالساحل الإفريقي يحاولون البحث عن إجابة لسؤال تبدو لهم الإجابة عليه غير واضحة، وهو ما هو تأثير هذه الفوضى وعدم الاستقرار على الجزائر وجنوبها الحيوي ضف إلى ذلك التواجد العسكري الأجنبي بهذه المنطقة، الأمريكي، الفرنسي وحتى عناصر من الكومندوس الإسرائيلي، كلهم متواجدون بحجة مكافحة الإرهاب أو لحماية مصالحهم الاقتصادية “AREVA” لفرنسا وحلم أمريكا إقامة قاعدة عسكرية بتمنراست لدواعي إستراتيجية إستخبارية قوبلت بالرفض من الجزائر لأن عقيدة الجيش الجزائري سليل جيش التحرير لا يقبل إقامة قواعد عسكرية على أراضيه ولأن الولايات المتحدة الأمريكية دارس سيئ للتاريخ والجغرافيا، مازال يناور ومتواجد بالساحل وله قواعد معلنة بالنيجر وغير معلنة بمالي وبوركينا فاسو والتشاد.
بالمقابل فرنسا المستعمر التاريخي للمنطقة يريد أن يبقى اللاعب الأساسي بالساحل حفاظا على مصالحه الحيوية والاستراتيجية فالشركة “AVERA” ، مثلا وزن سياسي واقتصادي فوجودها ضروري وحمايتها بالنسبة لفرنسا أمر ضروري، لكن الجزائر بحدودها الجنوبية الشاسعة لا تقبل التدخل العسكري أو الاختراق لحدودها ،وهي تراقب الوضع في دول الجوار من أجل صد الهجرة غير الشرعية والتصدي للجماعات الإرهابية المتواجدة بالمنطقة.
وتحاول بالمقابل المساهمة في حل الأزمات الموجودة بالتحلي بواجب الحل السياسي والتنمية المستدامة بعيدا عن أي تدخل عسكري مستغلة بريق الدبلوماسية المعتمد على الحوار والاستماع لجميع الأطراف المتنازعة.
الجزائر الدولة الوحيدة بالمنطقة التي ليست لها مصالح أو بالأحرى أطماع ،فالمغرب مثلا يناور من أجل حشد دعم دبلوماسي ضد استقلال الصحراء الغربية مقابل استثمارات اقتصادية فهذا إن كان غير مشروع من الناحية الأخلاقية فيبقى مشروعا من الناحية البرغماتية ولذلك تبقى الجزائر الأكثر معرفة من غيرها بالحقيقة الكامنة وراء كل المبادرات سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو دبلوماسية وهذا ما جعل مجلس الأمن مؤخرا يؤيد الطرح الجزائري فيما يتعلق بالساحل بأن الحل هو التنمية الاقتصادية للقضاء على التطرف والإرهاب والهجرة غير الشرعية بعيدا عن لغة السلاح وعسكرة المنطقة.