الجزائر – فرنسا.. بين جماجم المقاومين وعقول المهاجرين

يشهد، هذه الأيام المشهد السياسي والإعلامي الجزائري نقاشا عميقا حول استرجاع جماجم 36 مقاوما جزائريا موجودة في علب بمتحف الإنسان بفرنسا.
نقاش، جاء في عز الأزمة الاقتصادية، التي تعرفها الجزائر، تَركْنا النقاش حول استغلال الغاز الصخري، وتركنا النقاش حول المحليات المقبلة وتركنا النقاش حول تعيين رابح ماجر..، وفتحنا نقاشا عميقا حول استرجاع 36 جمجمة لمقاومين جزائريين، نحن لسنا ضد استرجاع الجماجم الطاهرة ولسنا ضد اعتذار فرنسا ولسنا ضد استرجاع أرشيفنا المسلوب ولسنا ضد تعويض فرنسا لديوننا التاريخية ولكن السؤال، من يقف وراء هذا الموضوع، الذي نشم فيه رائحة “إلهاء الشعب عن المواضيع المصيرية للبلاد” ؟؟
بدلا من جمع الإمضاءات للمطالبة باسترجاع جماجم المقاومين الموجودة في علب بمتحف الإنسان، كان من الأفضل أن نجمع التوقيعات لاسترجاع الأدمغة المهاجرة بفرنسا، لكي تخدم وطنها الأم الذي هو بأمس الحاجة لخدماتها، سيما بعد تغلغل الرداءة وانتشارها في جميع المؤسسات الوطنية، ولا سيما وأننا بأمس الحاجة الى 13000 طبيب الموجود بفرنسا لأن صحتنا مريضة والجزائر تدفع أموالا طائلة لعلاج المرضى بالخارج وخاصة فرنسا.
أنظروا ماذا حدث لمَّا جلبنا عقول كرة القدم الجزائرية كيف تأهلنا مرتين للمونديال..؟؟ فالعقول الجزائرية موجودة بكثرة في فرنسا وفي شتى الميادين.
فكفانا تهريجا وكفانا نقاشات عقيمة فالشعب يدرك أن استرجاع 36 جمجمة للمقاومين الجزائريين هي عمل إنساني، ليدفنوا في تراب وطنهم، لكن أن نغفل عن القضايا المصيرية للبلاد ونلهي الشعب المغلوب على أمره بهذه المواضيع ونختزل الذاكرة الوطنية والملفات العالقة مع فرنسا في 36 جمجمة فهذا جنون وضحك على الذقون.
فأين هي التعويضات عن التجارب النووية، التي أجريت في صحرائنا ومازالت إشعاعاتها تقتل إلى يومنا هذا، وأين هي التعويضات عن ضحايا ألغام الاستعمار، التي لازالت تقتل بعد الاستقلال و… و … و …
كفوا عن استغباء الشعب، فالشعب الجزائري يرفض الوصاية ويرفض أن تتجاهل مشاكله الحقيقية أو أن يساق كالقطيع وراء مبادرات نعرف جيدا من يقف وراءها.
فالنقاش حول استرجاع الجماجم حق تاريخي وفرض كفاية لكن النقاش حول مستقبل الجزائر واجب شرعي وفرض عين.