الجزائر _المغرب بين دبلوماسية الأقوال وردود الأفعال

يشهد المغرب العربي الآن صراعا خفيا تمتزج فيه ثلاثة أسباب:
– أولها: مستقبل ومصير ليبيا
– ثانيها: تعطل عملية الاستفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي
– ثالثها: التهديدات الإرهابية الدائمة في الساحل الإفريقي والهجرة السرية.
وهكذا وبتعبير آخر فإن هذه الأسباب قابلة وقادرة على زعزعة استقرار المنطقة برمتها ولذلك يحرص الرئيس بوتفليقة منذ انتخابه رئيسا للجمهورية على الحفاظ على علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وعدم التهور في التعامل الدبلوماسي وعدم الارتجال وإطلاق تصريحات ارتجالية حتى لا نقول شعبوية قد تضر بالعلاقات بين البلدان.
فخرجة مساهل الأخيرة لم تعلق عليها الرئاسة حتى لا تزيد الطين بلة أو تهدد التماسك الحكومي. ما قام به مؤخرا الوزير الأول أحمد أويحيى في أبيجان بتوجهه نحو ملك المغرب محمد السادس الذي كان واقفا مع الرئيس الفرنسي تدل على أن فعلا للدبلوملسية أهلها وأن هذا الفعل لم يكن ليتم إلا بإيعاز من الرئيس بوتفليقة صاحب خبرة دبلوماسية حافلة بالنجاحات سواء كوزير للخارجية إبان حكم بومدين أو كرئيس للجمهورية ،فإن ما قام به أويحيى يدل على أن الرئيس له حنكة ونظرة صائبة فمصافحة الوزير الأول الجزائري للملك المغربي أذابت الجليد في العلاقات بين البلدين الجارين وجاءت أمام نظرة واستغراب وإعجاب من الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون.
بوتفليقة يعرف جيدا أن رياح التغيير بدأت تهب على المنطقة والقارة الإفريقية وأن دواعي الصراع فيها وعلى مستقبلها تتحرك من جديد وأنها قد تفرض بحركتها ظروفا مختلفة قد تصل إلى رسم خريطة سياسية جديدة للمنطقة وأن مسرح المنطقة قد يكون المغرب العربي.
ولذلك الرئيس بوتفليقة كان دائما مهتما بحسن العلاقات مع المغرب حتى في عز الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
وما قاله عنه هنري كيسنجر خير دليل على عبقريته الدبلوماسية التي تجعل الآن من مساهل فيها سنة أولى حضانة.
الوضع حاليا في المنطقة لا يسمح بفتح جبهات جديدة الرابح فيها خاسر.
ولأن مواقف الجزائر متزنة فهي تطالب بحسن العلاقات مع المغرب وبالمقابل تؤيد الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ونيل استقلاله.
إن تصرف أويحيى باتجاه الملك المغربي يثبت به أن الدبلوماسية الجزائرية دبلوماسية براغماتية تنأى بنفسها ما قد تجيئ به الظروف والأيام من تطورات وتغيرات.