ما يجب أن يقال: الجزائر _ فرنسا.. بين الشعبية والشعبوية

في السياسة كثيرا ما يتداخل الأساسي والوافد والأصلي والفرعي والحقيقي والمتوهم وتكون النتيجة خلطا تشويشا إن هذه القاعدة تصبح أكثر فائدة في ظرف دبلوماسي ينفرد فيه طرف بالقوة في الطرح ويعطي نفسه حق استعمالها وفوق ذلك يمسك في يده بإمكانيات طرح جدول أولويات الاهتمام بزيارته وفرض مطالبه أو بالأحرى أوامره.
هذا ما حدث مع زيارة الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون للجزائر.
زيارة سبقتها تصريحات، وزير المجاهدين الحالي والأسبق، تصريحات بعيدة كل البعد عن الواقع تصريحات شعبوية موجهة للاستهلاك المحلي.. تصريحات لا تقدم ولا تؤخر في العلاقات مع فرنسا ما دامت الذاكرة الوطنية شعارات ترفع في المناسبات.
الرئيس الفرنسي، استهل، زيارته بجولة في شوارع العاصمة اختبر فيها شعبية ومدى حب الجزائريين لفرنسا فتكلم مع الشباب واستمع إلى انشغالاتهم وكأنه رئيسا للجزائر أو كأن الجزائر مستعمرة فرنسية النسوة تزغرد عليه من الشرفات والشباب يطالبه بالفيزا وهو يتجول باطمئنان ويمشي بأمن وأمان أكثر من شوارع باريس لأنه متأكد أنه في مأمن لأن الشعب الجزائري لا يكرهه ولا يكره فرنسا عكس بعض مسئولينا الذين يتنقلون في سيارات مصفحة وعند مرورهم يصبح التوقف ممنوعا ويخشون الشعب لأنهم منبوذون هذه هي الرسالة الذي أراد أن يوصلها ماكرون للسلطة في الجزائر ولأنه يعرف أن أغلب مسئولونا يهرولون إلى فرنسا وكأن حب فرنسا من الإيمان.
رحم الله هواري بومدين الذي استقبل “جيسكار ديشان” ومرّ معه بنفس الشارع اختبر يومها بومدين شعبيته أمام فرنسا وكانت النسوة تزغرد على بومدين والشباب يهتف بحياة بومدين هذا هو الفرق بين الأمس واليوم ماكرون زار الجزائر فاتحا وأعطانا دروسا في التسيير والاستشراف والحكم هذا هو الموضع الذي يسبب الألم والمهانة الكبرى هو مطالبة ماكرون للجزائر بالسماح للحركى والأقدام السوداء بالعودة للجزائر هذا بدل الاعتذار عن جرائم بلاده في الجزائر إذا وكذا سقطت هيبة الدولة وسقطت المطالب التاريخية وجاء السقوط بالمهانة التي تخلى عنها قادتنا وأثار ذلك ظاهرة وسوف يزداد ظهورها وسوف يؤثر ذلك على جيل بأسره إن لم نقل أجيالا متوالية رحم الله الشهداء رحم الله بومدين ورحم شهدائنا الأبرار.