ما يجب أن يقال.. الساحل الإفريقي من فكرة كيسينجر إلى مشروع ماكرون
هل أصبح الساحل الإفريقي فعلا ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية أو أفغانستان ثانية مثلما تسميه بعض الاستخبارات الغربية ؟ أم أصبح ساحة صراع ولعب لعدة استخبارات عالمية ؟ وجدت المساحة الشاسعة لتجريب مختلف أنواع الأسلحة والأجهزة العسكرية ؟ تاريخيا إن أول من تفطن لأهمية الساحل الإفريقي هي الجزائر ومخابراتها فأولته أهمية قصوى سواء في التمثيل الدبلوماسي أو في التواجد الإستخباراتي النوعي ، وكانت الاستخبارات الجزائرية الأكثر تواجدا والأكثر معرفة بكل التفاصيل وتعلم ما تخفي الصدور، واليوم للأسف أصبحنا نسمع أن الجزائر تتلقى تقارير من الاستخبارات الفرنسية والأمريكية.
المهم هذا ليس موضوعنا ،موضوعنا هو التواجد الفرنسي بالساحل :أبعاده وإستراتيجيته لأن فرنسا تدخلت في الساحل الإفريقي بحجة مكافحة الإرهاب وبجيش من اللفيف الأجنبي حتى لا نقول مرتزقة وراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يطلب التمويل من قطر، الإمارات والصين فالتدريب والقتال فرنسي ويمتد من غرب إفريقيا إلى شرقها مثلما كان من قبل نادي سفاري.
هذه الفكرة استمدها في السبعينات مدير الأمن الخارجي في الاستخبارات الفرنسية أليكسندر دي مارانش فكرة طرحها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية إبان حكم الرئيس نيكسون، هنري كيسنجر ثعلب الدبلوماسية الأمريكية وهذه فكرة مستوحاة من الحرب اليمنية آنذاك وأراد كيسنجر تطويرها في إفريقيا لوقف المد الشيوعي ،فأخذها وطبقها على أرض الواقع النشيط مدير الأمن الخارجي والإستخبارات الفرنسية الكونت اليكسندر دي مارانش الذي كان ذكيا جدا وكان يؤمن بالعمل الإستخباراتي المباشر دون انتظار المؤسسات الدستورية التي كان يراها مشلولة ،عاجزة ومخترقة وكان الأمريكيون وراءه يؤيدون مساعيه دون أن يظهروا في الصورة.
ونفس الشيء نعيشه اليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه فماكرون يتبع نفس سياسة دي مارنش ولذلك جعل ذراعه الأيمن وزير الدفاع السابق والخارجية الجديد “لودريان” رجل المخابرات السابق الذي يشبه دي مارنش ومتأثر به حتى النخاع فهي نفس الفكرة أو المشروع ،جيش مشكل من المرتزقة بتمويل بترولي مالي مخابراتي مهمته مكافحة الإرهاب.
دي مارنش كانت معه خمسة دول في مشروعه وماكرون نفس العدد. الولايات المتحدة للتوجيه وفرنسا لإدارة العمليات وقطر والإمارات للتمويل والو.م.أ للتسليح وقد يقتضي الأمر أن تمارس أدوارها عن طريق أجهزتها الخفية لتتدخل بعدها وتتقدم شركات البترول العملاقة ومعها “أريقا” وغيرها من الشركات الفرنسية والأمريكية صاحبة المصالح الطائلة في إفريقيا للعمل المباشر يعني التواجد العسكري الفرنسي والأمريكي في الساحل لمكافحة الإرهاب هذا في الظاهر أما في الباطن فهو لتمهيد الطريق للمصالح الاقتصادية.
هذا ماحدث بالمس مع دي مارانش وسيحدث اليوم مع ماكرون ،بالأمس كانت أنغولا والصومال واليوم الساحل الإفريقي .السؤال هو إلى أي مدى بإمكان الأموال أن تلعب في أنشطة خارج الشرعية باسم الشرعية الدولية؟ صحيح أفكار هنري كيسنجر لا تموت بالتقادم مثلما ظل يردد وماكرون رجل ذكي وطموح وطموحه أكبر من مجرد رئيس دولة؟ !.