ما يجب أن يقال.. أردوغان من رئاسة تركيا إلى زعامة العرب !

تركيا قوة مهمة في الشرق الأوسط وأردوغان لاعب رئيسي في توجهاته، رغم أن تركيا عضوا مهما في الحلف الأطلسي، إلا أنها قوة حائرة وسط جغرافيا معقدة ونزاعات مبهمة، لكن رئيسها سياسي محنك وداهية متمرس أخرج الدولة العميقة في تركيا من معطف الجيش إلى عباءته فهو لاعب ماهر ومراوغ متميز يعرف تاريخيا إلى أي فريق ينتمي وفي أي موقع يلعب ويعرف من يراوغ ومتى يسدد نحو المرمى ويعرف متى يمتع الجماهير بفنياته خاصة العربية العاشقة للكاريزما والزعامة فمنذ رحيل الأساطير هواري بومدين وجمال عبد الناصر والملك فيصل.
ولأن أردوغان دارس جيد للتاريخ والجغرافيا فهو يعلم أن العالم العربي يحب الرئيس الزعيم ولذلك لا يفوّت فرصة إلا ويسجل أهدافا ومواقفا تهلل لها الشعوب العربية.. مواقف بدأت من سفينة “مرمرة” لكسر الحصار على غزة برغم أن لتركيا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا أن هذا لم يمنع أردوغان من دغدغة مشاعر المسلمين، ضف إلى ذلك موقفه من الثورات العربية سواء في مصر بعد إسقاط مبارك أو بعد إسقاط مرسي وكذلك نفس الشيء في سوريا .
والآن معركة عفرين، التي سماها غصن الزيتون، والتي يحارب فيها الأكراد وفي نفس الوقت يقول أنه سيعيد الأرض لأصدقائه العرب..، هذا هو أردوغان قناص الفرص والداهية، الذي انتظرته تركيا طويلا والذي أصبح يحلم بالإمبراطورية العثمانية ليلا نهارا رغم أن تركيا الحديثة هي وريثة الدولة العثمانية، التي ظهرت في القرن الخامس عشر وأنشأت لأول مرة دولة تركية تحولت بسرعة إلى دولة للخلافة الإسلامية رضّا بها العالم الإسلامي كله، خصوصا بعد فتح اسطنبول وفي ذلك الوقت تطورت شعوب إسلامية كثيرة بالذات في العالم العربي أن القوة العثمانية هي الحامي لديار الإسلام من محاولات الاستعمار الأوربي المسيحي واليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه، نفس الظروف تقريبا ونفس الأحلام بالنسبة للشعوب العربية وبالنسبة لأردوغان.
لكن ومثل كل الإمبراطوريات فإن الخلافة العثمانية ضعفت وظلت طوال القرن التاسع عشر غنيمة تنتظر من يرثها وكأن الإرث في النهاية من نصيب بريطانيا وفرنسا في التسويات التي أعقبت الحرب العالمية الأولى وفي أعقاب هذه الحرب مباشرة فقد ظهر بطل وطني هو “كمال أتاتورك”، الذي قبل بناهية الإمبراطورية العثمانية وهذا ما يخشاه أردوغان ولذلك يسخر كل جهده للسياسة الخارجية رغم أنه اقتصاديا واجتماعيا تركيا بخير ولم تعد بحاجة إلى مستقبل أرويي وعلماني رغم التركيبة الديمقراطية للشعب التركي فالأكراد مسلمون والبقية مسلمون فيهم الشيعة أغلبهم من العلويين يختلفون في المذهب عن السنة إلا أن هذا الخليط لم يمنع أردوغان من تشكيل واجهة تركية ويرفع راية الإسلام والحنين إلى الخلافة الإسلامية في زمن يعرف فيه العرب النكسات والنكبات تلوى الأخرى.