صـــديــقــي يــشــيــد بــالــدكـتــور عــمـيـمـور

أخلاق الشعراء الكبار… درس لكل من يحمل قلما
**********************************
كنت نشرت أول أمس صورة في جريدة لمقال صحفي تناول بالنقد مروري بوزارة الثقافة وذلك ردا على من كتب مقالا مسيئا للوزارة وكانت الصورة لتصريح عنيف للعزيز إبراهيم صديقي صدر منذ نحو عشرين سنة وانتقدني فيه بشدة ورددت عليه يومها، ثم صحح الشاعر الكبير الأمر بعد ذلك بمقال رائع وضعته مقدمة لكتابي اعتزازا به وأورده هنا تقديرا للشاعر الكبير الذي أعطى بمقاله درسا للجميع، وأنا أول من تلقى الدرس وأدرك نبله .
******
كلمات من صديق لدود
محي الدين عميمور …الطبيب والمجاهد والقريب من الراحل هواري بومدين، المستشار بالرئاسة والسفير بباكستان ووزير الاتصال والثقافة …. طبيب جراح ولكن في غرفة عمليات السياسة.
محي الدين عميمور، المتحدث اللافت والكاتب المؤلف، والعارف بالسياسة وأغوارها، عرفه الخاصة من خلال أدواره في دهاليز السياسة الواسعة والضيقة، فالرجل أتقن فن الكواليس، وحافظ على المسافة اللازمة بينه وبين الثقوب السوداء المنتشرة في فلك السياسة، والجاهزة دوما لابتلاع المجرات، وعرفته العامة من خلال ظهوره المتكرر متحدثا عن الهواري رحمه الله، الذي يستقطب الحديث عنه قلوب الناس و اهتمامهم.
والسي عميمور لم يكن في مشواره متداريا أو مداريا، بل كان ومازال رجل مواجهة، لا يتردد في الظهور و إبداء الرأي كلما رأى أن الضرورة تقتضي ذلك.
حدث أنني تطاولتُ عليه أيام الشباب و الاندفاع و كان وقتها وزيرا للاتصال والثقافة، فجاءني الرد عبر جريدة “الشروق” مزلزلا، من خلال حوار أجراه معه الصديق جمال بن علي ، نعم كان الرد مزلزلا و لكني بحثت فيه بالميكرو سكوب عن كلمة جارحة، أو عبارة خادشة فلم أجد، إنه رد الكبار يدحض فكرة الطرف الآخر لا شخصه.
ولكن حب الرجل للكتابة دفعه إلى استعمال طاقية الإخفاء أحيانا في مقالات عدة وقعها ب “م .ع”، لأن المنصب و واجب التحفظ كان يمنعه من إبداء الرأي في منابر الإعلام، و كانت مجموعات من المقالات دافع من خلالها عن أفكاره وتياره، وكثيرا ما استعمل في ذلك أسلوبا ناريا، في حروب المرجع و الهوية.
في الشأن السياسي و التاريخي العربي يكاد عميمور ألا يجاريه أحد في بلادنا، إطلاع واسع وعلاقات متشعبة ووقوف على أحداث هامة، ولكن لا نبيَّ في قومه كما يقال،..فهذا الرجل، ذات سفرٍ، يتعرف عليه ضابط مصري في مطار القاهرة ويقول له وهو يتصفح جواز سفره : “حضرتك ما بتحبش السادات ليه ؟
نعم ،يعرفه ضابط مصري، ولا يعرفه بعض جيرانه، ولا يضعه الإعلام الجزائري حيث يجب أن يضع كباره، والثابت أن المجتمعات الذكية هي من تقدم أعلامها وتضعهم في الواجهة عكس ما نفعله نحن تماما، إذ نبحث في زجاج الواجهة عن أي خدش صغير أو بعض من غبار الطريق لنشوه الواجهة كلها، و نلعن المسار كله.
كيف يمكن لنا أن نكون حاضرين في مجتمع النخبة العالمي و نحن نطفئ مناراتنا، ونعتقد -خاطئين- أن كلمة الشكر ضرب من التملق ، والعرفان صنف من التودد، والمعلوم أن التجاهل والإنكار كانا دائما أخطر خنجرين غُرِزا في قلب المجتهدين و العباقرة. وذوي الكفاءات
. محي الدين عميمور طبيب جراح، ولكن في غرفة عمليات السياسة …
الشاعر إبراهيم صديقي
*****
تحية لإبراهيم ورب ضارة نافعة