ما يجب أن يقال: إفريقيا…والنظام العالمي الجديد

إفريقيا هي اللاعب المهم أو بالأحرى المعادلة الصعبة في بلورة نظام عالمي جديد لا يعتمد على الأحادية القطبية ولا على الدولة الوصية على العالم، نظام عالمي متعدد الأقطاب ينهي هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية وتابعاتها الاتحاد الأوروبي الباحث دائما وأبدا عن مجده الضائع.
الحرب الروسية الأوكرانية هي ضربة استباقية روسية بالنسبة لروسيا ضد حلف الناتو وفخ استراتيجي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وبين هذا وذاك تحركت الصين ولعبت في الوقت المناسب، عسكريا باستعراض القوة واقتصاديا بانتشار عالمي واكتساح تجاري مرعب، كل هذا أمام اللاعب المشاغب كوريا الشمالية ووعيدها الدائم للغرب بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
خارطة العالم السياسية بدأت تتحرك، فالخليج العربي بدأ يُسمع صوته الخافت بقيادة السعودية والحكيمة قطر بسياستها الرشيدة، وعادت تركيا بقيادة أردوغان الحالم بعودة الإمبراطورية العثمانية تلعب دورها بأهداف براغماتية، وأمام كل هذا التحرك والحركية السياسية، عادت إفريقيا لتسمع صوتها للعالم كقارة واعدة بأسواقها المغرية وثرواتها التي أصبحت تسيل لعاب الجميع، بل أصبحت ساحة تنافس وتقاطع مصالح القوى العظمى.
فالدول الاستعمارية في إفريقيا لعب التاريخ بذكرياته الأليمة وكان له الأثر البليغ في ذاكرة شعوب القارة ، فحولوا البوصلة نحو روسيا الصديقة الدائمة والصين العملاق القادم وتركيا بدرجة أقل.
وإفريقيا اليوم بحاجة إلى استثمارات وتنمية وهذا ما فهمته الصين وروسيا عكس الولايات المتحدة الأمريكية وقاعدتها أفريكوم التي أرادت عسكرة القارة أو فرنسا التي لازال دخان عملية برخان يعلو في طبقات جو الساحل الإفريقي.
فشتان بين التعاون والاستغلال ونهب الثروات وزعزعة استقرار دول لصالح دول، إفريقيا اليوم لا تنسى دور الجزائر التاريخي في إسماع صوتها في المحافل الدولية وفي نصرة قضاياها العادلة للتحرر ووقوفها في السابق مع جنوب إفريقيا وكل الدول الراغبة في التحرر وخاصة اليوم مع آخر مستعمرة في إفريقيا الصحراء الغربية التي يريد نظام المخزن وحليفه الكيان الصهيوني، زعزعة استقرار المنطقة بالتعاون مع إمارة التطبيع والعمالة، لكن الجزائر بتاريخها المشرف ورجالها الأشاوس وجيشها سليل جيش التحرير بالمرصاد لكل المغامرين.
لتبقى إفريقيا تتنفس بالجزائر شمالا وبجنوب إفريقيا جنوبا، تسير نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون فيه لإفريقيا دور محوري ومهم وفاعل.