مشاهد.. الهجرة بين الإنسانية والأمن القومي
تعددت الأسباب والهجرة واحدة، الحروب الاضطهاد، القمع بمختلف أنواعه وأسبابه والظروف الاجتماعية، كلها أسباب ودوافع وغايات دفعت الملايين إلى الهجرة بحثا عن ملاذ آمن وحياة أفضل وبلد مضياف بعيدا عن وطن الميلاد والميعاد.
إن الدول تحتاج إلى أن تتعلم درس الإنسانية بأكثر مما يحتاج الأفراد، فدرس الإنسانية بالنسبة للأفراد أو المهاجرين يكون في العادة محصورا، وأما بالنسبة للدول المستقبلة لأمواج المهاجرين فإنه يصبح سياسة تتداخل مع عناصر كثيرة بينها الكبرياء الوطني، والرأي العام الداخلي والهيبة الخارجية، والأمن القومي وضغوط المنظمات والمصالح المؤثرة على القرار وعلى المزاج الوطني أو الإقليمي وربما الدولي.
وهكذا فإن الدول وعلى سبيل المثال إيطاليا، اليونان، فرنساتتقبل بصعوبة استقبال المهاجرين غير الشرعيين بحجة الأمن القومي وزعزعة الاستقرار الاقتصادي، هذه الدول تأبى أن تتعلم من الجديد الذي يدخل في مجتمعها أو تنسى القديم الذي عرفته وألفته في مستعمراتها القديمة مثلما هو الحال لفرنسا وبريطانيا وغيرها من الإمبراطوريات، لكن المهاجر أمام صعوبات الواقع وقهر الزمن والجغرافيا يقول انه يؤمن بدول لها اسهامات تستحق الاحترام قبل تاريخ العالم الحديث كما نعرفه الآن سواء في الأدب والسياسة والاقتصاد وحقوق الانسان، كلها اسهامات حرّضت المهاجرين على تخطي الصعاب للوصول إلى الفردوس الموعود.
مثلما هو الحال الآن مع المهاجر السوري والافريقي الذي له دوافع السياسية والانسانية عكس المهاجر التقليدي الشرعي الذي له تاريخ في الهجرة وحب المغامرة والبحث دائما عن الأفضل.
إن التاريخ الامبراطوري والاستعماري لهذه الدول المستقبلة للمهاجرين ليس ناصع البياض بالضرورة فهي تحاول أن تتعامل مع الحقائق الجديدة وتحاول نسيان الماضي، لحد من هذه الظاهرة يجب وضع حل للتوترات السياسية والاهتمام بالتنمية في الدول المصدرة للهجرة وفتح حوار جاد وبنّاء ركائزه حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية بعيدا عن دعاة الفتنة وعرّاب الحروب وناهبي الثروات.
بقلم: نرجس بوسلامة