ماكرون يبحث عن نفس جديد
بالرغم من أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وصف تداعيات استقالة وزير الداخلية جرار كولمب بالحادث الطبيعي العابر الذي لن يؤثر على مسار ولايته و لن يرغمه على أحداث تغيير جدري في مقاربة السياسية ألا ان التعديل الحكومي الذي يستعد خوضه يعكس مدى الهزة التي تعرض لها بنيانه السياسي والتي فرضت عليه اعادة النظر في التركيبة السياسية للآلة التنفيذية.
في كل الأحوال وفي خضم هذه الازمة الرئيس ماكرون يجدد ثقته في رئيس الحكومة ايدوار فليب فالتغيير لن يطاله. هو مكلف للمرة الثانية من طرف ايمانويل ماكرون تقديم تشكيلة حكومية جديدة. ومن خلال هذه الخطوة يحاول الرئيس الفرنسي البحث عن نفس جديد ينسي الفرنسيين الحقبة العصيبة التي تمر بها ولايته والتي ترجمت بانهيار ملحوظ في شعبيته.
يحاول ايمانويل ماكرون منح وثيرة جديدة لولايته خصوصا وانه تعرض من طرف حلفائه التقليديين لانتقادات مدمرة لأدائه الخاص ولعلاقاته مع الفرنسيين حيث يتهمه البعض بالعجرفة والتعالي واتباع خيارات اقتصادية تتعب كاهل الطبقات المتوسطة والمتواضعة ويخدم مصالح الطبقات الغنية. قبل الأقدام على هذا التعديل، كان هناك جدل بين مكونات التشكيلة الحكومية حول حجم التعديل …هل العملية ستكتفي بإيجاد خليفة لجرار كولمب في منصب وزير الداخلية أم سيستغل هذه النافدة لإحداث تغيير أكثر شمولية تسمح بتغيير عدد من الوزراء تبث تقصيرهم في مهامهم أو فشلهم في تحقيق نتائج إيجابية. ويبدو ان رئيس الحكومة ادوار فيليب كان يحبذ المحنى الثاني في حين يبدو أن قصر الاليزيه كان يفضّل ان يبقى على ورقة التعديل الكبير إلى ما بعد الانتخابات الاوروبية.
تعتقد بعض الاوساط الإعلامية الفرنسية أنه إذا تحققت فرضية التعديل الكبير فإن ذلك يؤشر الى ترجيح كفة رئيس الحكومة ادوار فليب وتقوية دوره في الحقبة المقبلة. فالرجل كان دائما يطالب بعادة هيكلة الحكومة لكي يستطيع ان يتوصل الى تناغم في المقاربة السياسية و الاقتصادية التي يقترحها على الفرنسيين لتفادي التناقضات التي طبعت إدارة بعض الملفات و التي ساهمت بشكل كبير في اضعاف الاداء السياسي لامانويل ماكرون . ولعل الجدل الخفي الذي دار بحسب مصادر اعلامية في أروقة المفاوضات السياسية من أجل اختيار الشخصية التي يتبوأ منصب وزير الداخلية مكان جرار كولمب لدليل على نوعية الصراعات السياسية الداخلية من أجل التوصل الي توازن سياسي بين مختلف مكونات الاغلبية الرئاسية.
إنها عملية البحث عن نفس جديد وليس تغيير الوجهة السياسية العامة للحكومة. المعارضة بكل اطيافها استبقت هذا التعديل الحكومي بالقول بانه لا يعدو كونه تغيير مظاهر وليس كنه الخيارات السياسية والاقتصادية. أما الرئيس ماكرون فيعول كثيرا على هذا التعديل لكي يعطي الانطباع للفرنسيين انه أخذ بعين الاعتبار مطالبهم واستمع لانتقاداتهم.