ما يجب أن يقال: عنف الملاعب وسنوات الضياع؟
انتشار ظاهرة العنف في الملاعب بهذه القوة وبهذه الأهازيج والشعارات السياسية هي تحصيل حاصل وانعكاس لما يحدث في المجتمع من غياب وتغييب للوازع الديني والأخلاقي وللسلوك المدني، فنحن منذ أحداث أكتوبر 88 والمجتمع الجزائري يعيش هزات وارتدادات متتالية لنسيجه الاجتماعي في غياب تام للوصاية السياسية التي غرقت في الفساد والحسابات الدولية والتوازنات الجهوية لأن الانفتاح السياسي الذي عشناه في بداية التسعينات أفرز كيانات حزبية وكائنات سياسية ساهمت في تخلف المجتمع سياسيا واقتصاديا وما عشناه كذلك في سنوات الدم والدمار والمعالجة الأمنية والسياسية لظاهرة العنف أنتجت مجتمعا تسوده الكراهية والحقد الطبقي والجهوي بسبب النزوح الريفي الذي تسبب فيه الإرهاب الذي حول المدن الكبرى إلى قرى كبيرة وأرياف أدت إلى الانحلال الخلقي وإلى ظهور الجريمة بمختلف أنواعها، خاصة الجرائم الأخلاقية .
يعني بالمفهوم الشعبي اختلاط “الحابل بالنابل” وزادها انتشار الفساد والرشوة والمحاباة والذي أفرز نادي الأثرياء الجدد أثرياء القروض البنكية وأثرياء الصفقات العمومية و”البقارة” بالمعنى الشعبي الشائع أثرياء الريف الذين باعوا أبقارهم وأراضيهم وأهملوا الفلاحة ونزحوا نحو العاصمة.
كلها عوامل أخرجت لنا مناصرين من نوع خاص! لأن في الماضي كانت الحومة هي التي تسير المناصرين وتؤطرهم فكانت الأغاني والأهازيج تتغنى بأولاد باب الواد وسوسطارة وبلكور والحراش والحمري والسويقة والقبائل، زمان كانت للمناصر معالم وضوابط يسير عليها. أما اليوم مع ولوج المال الفاسد في كرة القدم لتبييض الأموال واستغلال الفرق لأغراض سياسية ومنع المسيرات التي كانت متنفسا للمواطن وغلق الفضاءات وغياب الملاعب أصبح الساكن غريبا في حيّه وغريبا في ولايته وغريبا في وطنه لأنه يعيش الضياع السياسي والاجتماعي والأخلاقي فماذا تنتظر منه ؟!
لا المدرسة تقوم بدورها ولا المسجد ولا الأسرة لأنها غارقة في المشاكل اليومية؟ إنه الخراب بعينه، فالحل اليوم في تغيير جذري سياسي واجتماعي يعني ثورة اجتماعية يساهم فيها الكل في موقعه لعل وعسى ننقذ هذه البلاد وهذا الشعب بمشروع مجتمع لأننا منذ الاستقلال والدولة تسير بدون مشروع مجتمع.
ماذا نريد؟ نحن اليوم خليط بين الإسلامي، التقدمي، الرجعي، المتحرر..، مجتمع بلا مشروع؟ البداية تكون بتطهير الهيئات الكروية من البزناسية والوصوليين والدخلاء على الكرة وتطهير البلاطوهات الرياضية من أشباه الإعلاميين وتجار الأحلام من المحللين لأنهم هم وقود شرارة العنف في الملاعب. وتسقيف الأجور للاعبين سعرهم لا يتعدى 20000 دينار نعطيهم 300 مليون سنتيم؟ هذه أسباب العنف في الملاعب السياسية والكرة.