مشاهد: خريف الغضب في العراق
“إن الأنين الذي كنا نردده سرا غدا صيحة تصغى لها الأمم
بهذه الأبيات للشاعر العراقي الكبير الثائر محمد محمود الزبيري، أبدأ مقالي حول ما يجري في العراق لأن الانتفاضة الشعبية التي تحدث الآن في بلاد الرافدين مازالت تحتل قلب المسرح السياسي العربي وفي الكواليس الدبلوماسية على ناحيتين.
يقف المؤثرون في هذه الأحداث والمستفيدون منها من ناحية أخرى، الثورة الشعبية انطلقت في بغداد وفي عدة مدن عراقية تطالب بمحاربة الفساد وتطالب كذلك بالكهرباء والماء وتحسين ظروف المعيشة أو بالأحرى المطالبة بالعيش الكريم، وبين المفقود الذي وعدتهم به قوات التحالف بعد غزو العراق والإطاحة بدكتاتورية “صدام حسين” فلا ديمقراطية تحققت ولا العراق تحول إلى جنة ؟ !
بل بالعكس تحول إلى جهنم والديمقراطية المزعومة حولت العراق الموحد إلى أجزاء طائفية متفرقة؟ !
العراق، هذه الدولة البترولية الكبرى تعيش أزمات سياسية، اقتصادية، اجتماعية، دينية وأمنية، العراق اليوم لا زال يدفع فاتورة الغزوه الضخمة ولا زالت دول الجوار تتحكم في مصيره وفي قراره، تارة باسم الطائفية وتارة أخرى باسم القومية.
خريف الغضب الذي حل في العراق شعبي وسلمي، لكن سقط فيه ضحايا عراقيين بنيران صديقة كانت في الماضي القريب جدا تحميه من هجمات “الدواعش” الإرهابية والخوف كل الخوف أن الذين ينظرون اليوم إلى ما يحدث في العراق على أنه مشهد من حرب طائفية بين السنة والشيعة،عليهم أن ينظروا مرة أخرى إلى الصورة بشكل أدق وأعمق، ذلك لأن نظرة ثانية إلى الانتفاضة كفيلة بأن تظهر أن ما يحدث الآن على أرض العراق هو بداية لصراع كبير على مستقبل الشرق الأوسط وهو صراع تدخل فيه تيارات كبرى ومصالح دولية وقوى ظاهرة وخفية بالطبع إلى جانب عوامل إقليمية ووطنية ومذهبية وعشائرية أيضا.
” والحق يبدأ في آهات مكتئب وينتهي بزئير ملؤه النقم”