“أكاذيب” الصحافة المغربية، هوس مزمن

عادت الصحافة المغربية إلى “عاداتها القديمة-الجديدة”، المتمثلة في تعتيم الحقائق وتعويض ذلك بترويج الأكاذيب، مثلما حدث مؤخرا، إذ شوهت معظم عناوينها، حقيقة ما حدث في زيارة وزير الخارجية والتعاون الدولي الزامبي بالنيابة، السيد “مولامبو هامب”، إلى الرباط، حيث جاءت كل مضامينها منافية تماما لحقيقة ما حدث بالضبط، ولم تذكر البتة عدم التوقيع الرسمي على البيان المشترك بين البلدين.
وأشارت هذه العناوين إلى أن زامبيا قد أعلنت دعمها المطلق لأطروحة ومخطط المغرب للحكم الذاتي، كحل أوحد، نزيه وجدي بشأن مسألة الصحراء الغربية، في حين الحقيقة، تؤكد أن زامبيا اليوم، تدعم الجهود الأممية حول إيجاد حل نهائي لقضية الصحراء الغربية، مع رفضها لمبدأ “مغربية الصحراء”.
واكتفت تلك العناوين بالحديث فقط عن تلك “الأكاذيب”، ولم تتطرق تماما إلى المباحثات الثنائية التي جمعت بين وزيري خارجية البلدين، عندما تمت مناقشة مواضيع التنمية والتعاون الثنائي في شتى الميادين، على غرار الطاقة والفلاحة والصيد البحري والسياحة والأمن.
وما وجب التأكيد عليه، أن الموقف الزامبي المعروف سابقا بانحيازه التام لأطروحات المغرب، قد تراجع مؤخرا نوعا ما، بدليل دعم زامبيا لأول مرة، للجهود الأممية لأجل إيجاد حل نهائي لمسألة الصحراء الغربية.
التغيّر المسجل في الموقف الزامبي يعود أساسا إلى جهود الجزائر المتمثلة في افتتاح سفارة بالعاصمة لوزاكا، تعيين سفير مقيم بهذا البلد، زيارة رئيسة البرلمان الزامبي إلى الجزائر في ماي 2023، واستئناف تخصيص المنح الجامعية لصالح الطلبة الزامبيين، فضلا عن زيارة وزير التربية الزامبي إلى الجزائر في شهر أفريل المنقضي، بالإضافة إلى مرافعات بلدنا الثابتة، بمناسبة لقاءات بين المسؤولين الجزائريين والزامبيين (وزير الخارجية، مستشاري الرئيس، نواب البرلمان، الحزب الحاكم)، لتحسيسهم ودعوتهم لأخذ موقف محايد وإيجابي تجاه مسألة الصحراء الغربية.
محترفو الكذب والماريونات، ربّما قد نسوا العمل الدؤوب للدبلوماسية الجزائرية، بدليل محادثات وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، والأمين العام لوناس مقرمان، مع نظرائهما من شتى الدول، لأجل رفع مستوى الوعي بهدف تبني موقف إيجابي حول مسألة الصحراء الغربية، في حين لا تزال الأبواق المغربية بمختلف أذرعتها، تسبح في هوسها، وتنسج أحداثا مفبركة وهمية مستنبطة من خيالها، لاختلاق سيناريوهات محبوكة لجر متابعيها نحو مستنقعاتها.