الأردن… أزمة داخلية بحسابات خارجية

ما يعيشه الأردن من احتجاجات شعبية على بعض الزيادات تطبيقا لبرنامج إصلاحات صندوق النقد الدولي، هذه الاحتجاجات لو تناولناها من زاوية إيجابية لأكدت أن الأردن فعلا دولة ديمقراطية تتمتع بحرية عالية وحق التظاهر مكفول رغم أنها مملكة، فهي نموذج للمملكة الديمقراطية عكس المماليك الدكتاتوريين، الذين يقمعون شعوبهم بحجة الحفاظ أو المساس بالأمن القومي..
هذه الاحتجاجات اليوم أكدت أيضا أن الشعب الأردني يتمتع بوعي سياسي عالٍ لا يرضخ للضغوطات أو المساومات وبالمقابل أكد هذا الشعب ولاءه للملك عبد الله صاحب الحكمة والرؤية السديدة في معالجة الأزمات سواء جلالته أو الأسرة الملكية، التي تتعامل ببساطة مع مواطنيها سواء في الأعمال الخيرية أو حتى المظاهرات أو في تطوير الكرة مثلما يقوم به الأمير “علي” رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم وزوجته سمو الأميرة “ريم علي الإبراهيمي” ابنة أسطورة الدبلوماسية الجزائرية الأخضر الإبراهيمي فهي محبوبة الشعب الأردني بشخصيتها وبحبها للأردن ولبلدها الأصلي الجزائر فكسبت احترام وحب الشعبين.
هذه الاحتجاجات كشفت بأن الأردن في قلب مساومات إقليمية ودولية..، الأردن اليوم يدفع ثمن موقفه المناهض لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل وكذلك بسبب موقفه المشرف والمحايد من الأزمة الخليجية، فكل هذا جعل الأردن محل استقطاب جيوسياسي من طرف قوى إقليمية سواء إيران وتركيا أو السعودية والإمارات لأن هناك من يريد استغلال هذه الاحتجاجات بهدف احتواء الأردن سياسيا، لكن حكمة ودهاء الملك عبد الله جنب الأردن الدخول في متاهات الخلافات الخليجية _ خليجية أو في المساومات الإقليمية لأن أرض النشامة لا تبيع ولا تشري عندما يتعلق الأمر بالثوابت العربية الإسلامية أو بالقضية الفلسطينية، لذلك هذه الاحتجاجات ستزيد الأردن مناعة سياسية وستكون قوة دفع من أجل غد أفضل ومشرف للمملكة الهاشمية ولو كره المتربصون.