“ما وراء مبدأ اللذّة”: ما الذي بقي منه في العالم العربي بعد 100 عام؟
تحتفي الأوساط العلمية والفكرية، خاصة تلك التي تدور في فلك التحليل النفسي، بمرور قرن على صدور كتاب “ما وراء اللذة” لمؤسس علم النفس سيغموند فرويد. وهو الكتاب الذي سجل انعطافة قوية في مسار نظرية التحليل النفسي الفرويدية وأسس لأول مرة لمبدأ صراع غريزتي اللذة والموت.
وكان فرويد حتى عام 1920 يقول بأن الغرائز الجنسية هي التي تتحكم في الجهاز النفسي وأن الميل إلى المتعة والنفور من الألم يحددان سلوك الطفل في بداية عمره. وفِي “ما وراء اللذة”، استعرض فرويد مستندا إلى بعض التجارب السريرية فكرة أن بعض الغرائز لا تسعى إلى اللذة بقدر ما تسعى إلى الموت. واعتبر أن الانسان ساحة معركة محتدمة بين غريزة اللذة الجنسية وغريزة ذات نزوع تدميري نحو الموت.
وفتحت هذه الدراسة الرائدة التي أثارت جدلا قويا في العالم أجمع آنذاك آفاقا جديدة في حقول معرفية أخرى تتناول غريزة العنف والتدمير لدى الانسان والوظيفة الرئيسية للحضارة في قمع غريزتي الموت وكبح جماح غريزة اللذة.
وعربيا كانت مجلة الهلال المصري هي أول منبر يهتم بنظرية التحليل النفسي الفرودية في مقالات متفرقة في الأربعينيات من القرن الماضي حيث نشر الكاتب المصري علي أدهم مقالا شاملا حول أعمال فرويد.
وفي عام 1943 أصدر الباحث يوسف مراد أول كتاب عن علم النفس بعنوان “شفاء النفس” استعرض فيه بطريقة مبسطة مبادئ علم النفس. وتحمس الأدباء العرب في تلك الفترة لنظرية التحليل النفسي وتجلياتها في الأدب العالمي خاصة طه حسين وبعده عميد الرواية العربية نجيب محفوظ.