
خواطر من الزمن الجميل… بقلم ياسين تاكليت
الدكتور خالد عمر بن ققة
إذا كان سيدنا خالد بن الوليد في الحرب قامة…فخالد بن ققة واسمه الحركي في كواليس الإعلام الجزائري الباشا…هو الظاهرة الإعلامية أيام التأسيس بلا منازع…و السبب انه أضاف للمشهد ذلك الملح المفقود..و الحقيقة أن الذين لم يعايشوا تجربة الشروق العربي منذ البداية لا يسعهم أن يفقهوا هذا الحديث…
كان الراحل علي فضيل يعافر رفقة مستشاره و رفيق دربه الأستاذ الكبير سعد بو عقبة في كل الاتجاهات لإرساء و بعث عنوان إعلامي مميز لذلك كانت المخاطرة و المغامرة هي لازمة كل الأعداد الأولى من الجريدة…وكان يتعين علينا ان نتعلم سريعا لان بياض الصفحات بحاجة دائمة للحبر المركب بعطر المساكين و عطرهم ذاك هو العرق…ثمن كل نجاح محتمل.
ها هي إذن رواسب الغامرة تزج بالراحل علي فضيل و الزعيم سعد بو عقبة في السجن المؤقت…فكانت الفاجعة في أركان الأسرة الشروقية فاجعتان…الأولى حادثة سجن القادة و الثانية…تلك الحيرة على مصير العدد القادم و الذي يليه.
ورغم تضافر الجهود و تضامن مختلف الجهات الإعلامية و الحقوقية مع الزميلين إلا أن المسالة ستأخذ بعض الوقت…و في هذا التوقيت بالذات ظهر المنقذ…و من عساه يكون سوى الباشا خالد عمر الذي تحمل بكل شجاعة و أقدام مسؤولية إصدار الأعداد الموالية للازمة…خاصة و أن الأسبوعية كانت في منحى تصاعدي و القارئ كان ينتظرها منتصف كل أسبوع.
منذ ذلك التوقيت أصبح الدكتور خالد هو المركز المؤطر بصفته رئيس تحرير الشروق العربي و الذي و صل بها رفقة طاقمه اللامع إلى درجة أعجاز المطبع حينها على الزيادة في السحب..هذا الأمر التاريخي الهام لم يحدث إلا مرة واحدة بقيادة الإعلامي الكبير خالد عمر بن ققة.
التحقت بطاقم الباشا بعد تجربتين قاسيتين هزتا كياني…مرايا و العالم المعاصر…وألحقت مباشرة بالقسم السياسي و قسم التحقيقات…كانت الشروق تتطور بسرعة كبيرة و ها هي المؤسسة تطلق عنوانها الأسبوعي الثاني…الشروق الثقافي بزعامة الأستاذ الدكتور عبد العالي رزاقي علما أن من أسسها هو الصديق و الأخ الأستاذ الصغير سلام و كانت للعبد الضعيف حادثة طريفة و مشرفة مع الدكتورين بمناسبة انجازي لتحقيق حول الكتابة الحائطية و الذي جاء بعنوان…الكتابة الحائطية …من الرموز الجنسية إلى الشعارات السياسية.و تصارع الرجلان كل يريد نشره في الأسبوعية التي يشرف عليها ..فالدكتور رزاقي انطلق من ميل الموضوع للثقافة و الباشا أصر على أن صاحب العمل ملحق بالشروق العربي…و لم يكن بوسعي أن أقرر في حضرة القامتين الإعلاميتين رغم استشارتي..و الفصل في الأمر جاء من طرف الراحل علي فضيل لصالح الباشا.
تعلمنا معه أول ما تعلمنا الحرية في التفكير و المسؤولية في التعبير…تعلمنا المنهجية و حسن التخطيط و اختيار زوايا المواضع..لكن الأمل من كل ذلك هو إرساء روح الفريق في تلك المجموعة و بعث أقلام إعلامية لامعة سيكون لها لاحقا الأثر الكبير في مصير الصحافة المكتوبة المستقلة في الجزائر….
مضى كل شيئ إذن…اليوم وأنا أحادث الباشا تكنولوجيا أخبرته أن فضل الأستاذ على التلميذ كفضل الشمس على سائر الخلائق
فأجابني…هذا أن كان الأستاذ شمسا حقا…أدركت لحظتها أن تواضع و حياء الرجل و أمثاله كثر ممن أسسوا الصحافة و دفعوا العطر…اقصد العرق الشريف…تواضعهم و حياءهم أعطى هؤلاء المرتزقة و رواد الفساد الإعلامي المجال لاعتلاء الواجهة.
جمعت أوراقي كعادتي…وسرت بشغف انتظر العلامة التي سيعطيها الباشا لخواطري مستبشرا و مبشرا بقدومه معنا هنا بهذا الموقع اللامع لعنا نعيد سويا شيئا من الزمن الجميل.