كيف نتعامل مع المريض في العائلة؟ بقلم الدكتورة أونيسة بلكوش

يحصل في بعض الأسر أن يُبتلى أحد أفرادها بمرض أو مشاكل أسرية مثلاً…
فيحمل باقي أفراد العائلة همه.. ويحاولون مساعدته..ثم يصِلُون لحد معين ولا يستطيعون أن يخرجوه من مشكلته..فلا يشفى من مرضه ولا ينصلح حاله مع زوجه/زوجته.
المؤذي جداً هنا هو الالتصاق النفسي، بحيث يرهن جميعهم أو بعضهم سعادته واستقراره بتخليص هذا المبتلى من مشكلته. ويرى أن العودة لممارسة الحياة بشكل طبيعي “خيانة” للمبتلى أو “قلة وفاء”، فيرى أن نَغَصَ العيش “من حق القرابة”، ويختل التوازن وينعكس ذلك على ممارسته لأدواره زوجاً كان أو زوجةً أو أباً أو أخاً. فهو يرى هذه العلاقات الأخرى قابلة لأن يُقصِّر فيها ما دامت مشكلة المبتلى لم تحل.
مما يؤدي إلى التوتر واهتزاز الاستقرار الأسري، فتتحول المشكلة الواحدة إلى عدة مشاكل، ويصبح الكل مبتلى مع المبتلى الأصلي!
هنا لا بد من تطبيق مبدأ “المسافة النفسية”، بحيث لا ترهن استقرارك وسعادتك بذهاب البلاء عن قريبك.
الالتصاق الشديد يعني أن يهوي الجميع إذا هوى أحدهم، وهذا لا ينفع المبتلى، بل يجر الآخرين معه!
“احتراقك” النفسي لا ينفع المبتلى ولا يضيء له الطريق، بل يكسر السند الذي كان يشد به ظهره.
إياك أن تظن أن نَغَصَ عيشك وكَدَرَ نفسك بُرهان وفائك ومن حقوق المبتلى عليك !
خذ بالأسباب إلى أقصاها، وساعد قريبك بما تستطيع، ثم بعد ذلك إذا لم ينجُ من بلائه فاعلم أنه لا بد في هذه الحياة من خسائر، وعليك أن تتعايش مع الوضع الجديد.
لا تقارن وضع أخيك/أبيك/ابنك المبتلى بالصورة المثالية التي ترسمها في ذهنك له: “أريده أن يكون معافىً كما كان”…”لا أتحمل أن أراه على هذا الحال”..المقارنة بما لم يقدره الله متعبة بلا جدوى!
كما كانت تقول أمي رحمها الله عن أي “مبتلى” أمره مقضي في السماء…
فرجاءا عُد إلى أدوارك الاجتماعية وأدِّ ما عليك تجاه زوجتك/أبويك/أبنائك…وقبل ذلك كله تجاه ربك ثم نفسك…
وهذا كله لا يعني أن تنسى المبتلى أو تخذله، وإنما: أعط كل ذي حق حقه…
ختاماً: هذا كله للأوفياء والأُسر المترابطة، وإلا فلتعلم أن هناك من يحتاج أن يُذكر بالعكس تماماً: بأن يهتم بقريبه المُبتلى ويقدم له ما يستطيع من مساعدة.
فما أُوجدنا في هذه الدنيا إلا للاختبار، وحسن تعاملك مع بلايا غيرك جزء من نجاحك في هذا الاختبار.
أونيسة بلكوش



