العصيان المدني وباخرة التيتانيك ؟!

مطالبة ثلة من الحراك الشعبي أو المندسين فيه بالعصيان المدني هو بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على ما بقي من الحراك الشعبي الذي تقلص عدده من الملايين إلى المئات، بعدما تحققت أغلب المطالب الشعبية وعلى رأسها لا للخامسة وسجن السعيد بوتفليقة ورموز الفساد ممن كانوا يظنون أن الجزائر ملكية خاصة لهم.
من كان يتخيل أن أباطرة الاقتصاد الوهمي سيسجنون؟ ومن كان يظن أن السعيد وغيره سيسجنون؟
الشعب حقق كل ما كان يحلم به وبقيت الرئاسيات فعليها فليتنافس المتنافسون؟! أما الشعارات الدخيلة على الحراك والتي لم ترفع في 22 فيفري وإنما رفعت بعدما سجن السعيد وحاشيته فهذه تدخل في خانة المزايدة على طريقة شعارات الفيس سابقا “دولة إسلامية بدون انتخابات” و “لا دراسة لا تدريس حتى يسقط الرئيس”؟! النتيجة بعد ذلك يعرفها الجميع، لذلك الوطن فوق الجميع ولا يقبل القمار عليه والوطن يعني الدولة ومؤسساتها والوحدة الترابية والتي تساوي الأمن القومي، فمن يهدد اليوم بالعصيان المدني كمن يريد إطلاق رصاصة الرحمة على نفسه، واللجوء إلى هذا الخيار يعني فشل الحراك الشعبي وإمضاء شهادة وفاته ؟!
لأن العصيان المدني اليوم مآله الفشل ولا أحد سيستجيب أو يلبي طلب العصيان ولو حدث هذا في بداية الحراك لمّا كانت الملايين في الشارع لقلنا ربما؟
أما اليوم فمصيره الفشل النهائي، التاريخ علمنا أن الأغبياء فقط وحدهم الذين لا يتعلمون الدروس، فالفيس في التسعينات نادى إلى إضراب وطني وكان يحوز على قاعدة شعبية لكنه فشل! ! وقاد البلاد نحو المجهول ونحو سنوات الدم والدموع بتواطأ مع أذناب فرنسا الذين لا يريدون الخير للجزائر، فبمجرد أن رفع هذا الشعار من طرف قلة قليلة، في هذا الوقت تأكد الجميع أن جماعات الظل قد أطلقت إنذار الاستغاثة وتريد القفز من الباخرة لأنها بدأت في الغرق وباخرة “تيتانيك” الحراك قد تتحول إلى قارب صيد صغير قد تقذف به الأمواج نحو شواطئ تبغزيرت أو جيجل.
العصيان المدني في هذا الظرف هو آخر مسمار سيدق في نعش الحراك الشعبي لأن عدم الاستجابة له هو استفتاء شعبي بنهاية الحراك.



