بوتين ، الغرب وإستراتيجية الفوضى والدول الوطنية

العقيدة العسكرية والثقافة الحربية صفات لازالت تسيطر على حلف الناتو ،وما يحدث الآن بين روسيا وأوكرانيا هي حرب بالوكالة لصالح الناتو حتى يتدخل ويمتد شرقا في حرب جيو إستراتيجية هدفها إضعاف روسيا وتقليم أظافر قيصرها الرجل الرهيب بوتين رجل متشبع بعقيدة الاستخبارات KGB، رجل له الحس الأمني والخطط الجاهزة للتعامل مع الأزمات والراهن.
رجل يؤمن بفكر الدولة الوطنية القوية في زمن النظام العالمي الجديد الذي حوّل العالم إلى دويلات تتحكم فيها إمبراطوريات الظلال المتكونة من الشركات المتعددة الجنسيات وبعض أجهزة الاستخبارات الدولية التي تخطط في إطار حرب المعلومات والجوسسة الاقتصادية.
عالم أصبحت تتحكم فيه شركات التواصل الاجتماعي والعالم الرقمي، وروسيا بوتين كانت سباقة في تحقيق المناعة ضد الحرب الإعلامية والحرب الرقمية فحصّنت نفسها بترسانة من القنوات التلفزيونية وعلى رأسها R.T ومواقع الكترونية لمواجهة حرب التضليل الإعلامي Fake news بأمن سيبيراني لمواجهة الجوسسة الالكترونية “بيغاسيس” وغيره.
لذلك قصة أوكرانيا تدخل في خانة الراهن الافتراضي لتغيير راهن جيو استراتيجي لا مكان فيه لروسيا قوية ولا للصين ولا للهند ولا تركيا أردغان.
كلها أوراق “بوكر” ستلعب في حينها، فما تمدد الناتو شرقا إلا بورقة لحرب طويلة بدايتها روسيا ثم الصين والهند وتركيا المكلفة بمهمة في الوقت الراهن لقيادة عالم إسلامي لا مكانة فيه للزعامة العربية ولا الفارسية.
وما الاتفاقيات الإبراهيمية سوى بداية لتقويض وتقسيم الدول السنية الوطنية، فبعد العراق، ليبيا وسوريا.
لم تبقى سوى مصر والجزائر وتونس، دول عقيدتها وطنية قومية تؤمن بالقضية الفلسطينية كأم القضايا وتؤمن بالدولة الوطنية بعيدا عن ضجيج بلاط القصور ودول المماليك، فما يحدث لروسيا هي ضجة لإبعادها من سوريا ووقف تمدد الدب الروسي في إفريقيا وليبيا.
والتحالف الأسترالي الأمريكي البريطاني في المحيط الهندي لمواجهة الصين خير دليل على بداية الحروب الجيو إستراتيجية، تحالف سبقه Five eyes “العيون الخمسة” : الو.م.أ، بريطانيا، أستراليا، نيوزيلاندا وكندا أقوى تحالف استخباراتي في العالم وقد يتحول إلى Nine eyes “العيون التسعة” بانضمام كوريا الجنوبية، اليابان، الهند وألمانيا.
هذا التحالف جاء حسب رأيهم ليعزز الأمن السيبيراني وتبادل شتى المعلومات لحروب استباقية لا مكان فيها للدول الإيديولوجية والدول المارقة حسب تعبيرهم والكلام هنا موجه للصين وروسيا وكوريا الشمالية، وهذا ما تفطن له ابن الـK.G.B بوتين وأراد أن يحاربهم بأسلحتهم وبحرب استباقية قد تخلّد اسمه في التاريخ مهما كان الثمن.