ما يجب أن يقال: مصر من السد العالي إلى سد النهضة ؟ !

في علوم الفقه الإسلامي، مدرسة ترى أن توصيف أي شيء يستحسن أن يبدأ باستبعاد ما ليس منه أولا حتى ينتفي احتمال أي تداخل بين ما هو من الموضوع وما ليس منه، ومنطق هذه المدرسة أنها قبل أن تمضي في توصيف أي شيء تسأل أولا عما هو ليس منه، فإنه مما يسهل المسائل أن تكون البداية هي أن يستبعد منه مسبقا “ما ليس كذلك”.
وهذه القاعدة في الفقه كثيرا ما تكون مفيدة في مجالات أخرى مثل السياسة، ذلك أنه في السياسة كثيرا ما يتداخل الأساسي والوافد، والأصلي والفرعي، والحقيقي والمتوهم وتكون النتيجة في النهاية خلطا وهروبا إلى الأمام.
والحديث هنا عن سد النهضة الإثيوبي والقبضة الحديدية بين أديس أبابا وبين القاهرة، حيث أصبح الأمن المائي المصري مهدد، حتى لا نقول مستقبل مصر وأمنها الغذائي في خطر.
هذا التحدي قابله الرئيس المصري بتهديدات تذكرنا بتهديدات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لأمريكا والنتيجة يعرفها الجميع؟ !
التحدي الإثيوبي لمصر عبر سد النهضة هو في الحقيقة ورقة ضغط يستعملها الكبار ضد مصر في ملفات وقضايا أخرى على سبيل المثال، السودان، ليبيا، الأزمة الخليجية والملف الفلسطيني الإسرائيلي، بالمعنى الشعبي القرار المصري في كماشة الكبار.
لمساومة مصر في مواقفها التاريخية الشعبية أو تحسبا لأجندات لخريطة جديدة تتغير فيها موازين القوى إقليميا لصالح دولة ما؟ ! خليجية أو إفريقية وقدر مصر دائما مرتبط بالسدود، فإذا كان السد العالي رفع شأن مصر والمصريين عاليا في زمن حكم الزعيم “جمال عبد الناصر”، فاليوم سد النهضة قد يخدش ويتلاعب بكرامة وكبرياء مصر عربيا وإفريقيا !!
وما تغلغل الموقف الرسمي المصري في الشأن الليبي ومساندته للماريشال حفتر سوى قفزة نحو المجهول وهروب من صداع سد النهضة وعملية حشد وإلهاء للشعب المصري على وقع وذكريات أغنية العندليب الراحل عبد الحليم حافظ “خلي السلاح صاحي” وشعارات “حانحارب” هروب من الأزمة الداخلية الخانقة نحو الخارج المحفوف بالمخاطر والخسائر.
فالتاريخ يعيد نفسه والسد هو السد والعلو يعني النهضة.
اللهم احفظ مصر واحفظ شعبها من غدر الزمان.



