مايجب أن يقال: غزة… سلاح الصبر و الدعاء في وجه الإبادة والتجويع

بقلم: جمال بن علي
في عالم فقد البوصلة الأخلاقية، وصار فيه صوت الحق مرادفًا للتهميش، تخرج غزة من تحت الركام، لا لتتوسل الحياة، بل لتُعلن أنها مدرسة في الكرامة، وساحة مقاومة تُحرج الإنسانية، وتعرّي الجبناء والمتواطئين.
منذ أكثر من سنتين ، تواجه غزة إبادة جماعية ممنهجة، وتجويعًا متعمّدًا، ومجزرة بشرية لم يعرف لها التاريخ الحديث مثيلًا في هذا العصر “الديمقراطي”. ومع ذلك، لم تنكسر. بل ارتقت، وارتفع صوتها بالصبر والدعاء من كل جرح، وكل صرخة، وكل صورة نازفة، لتبني ذاكرة نضالية لا تموت.
الصبر في الأداء المقاوم
غزة لا تكرر الفعل، بل ترفعه إلى مستوى الإتقان. الدعاء هنا ليس دينيا فقط، بل وجوديًا. من تحت الحصار، تصوغ غزة فعلها السياسي والميداني والإعلامي بدقة، وبذكاء أخلاقي يُربك العدو، ويوقظ الشعوب. صواريخها ليست رسائل فحسب، بل إعلان بقاء وكرامة. كاميراتها ليست لنقل الألم، بل لتثبيت التوثيق وتوجيه الاتهام المباشر إلى كل صامت ومتخاذل.
من المأساة. إلى الموقف
غزة لا تستسلم. تُحوّل المأساة إلى منصة صمود. كل مجزرة تُخلّف وعيًا. كل طفل يُقتل يوقظ ألف ضمير. كل وجبة تُمنع تُعرّي ألف نظام. فالغزّاوي اليوم لا يعيش فقط ليبقى، بل ليُثبت أن الإنسان قد يُحاصر جسدًا، لكن لا يمكن للأوغاد أن يُحاصروا روحه.
الإبادة والتجويع… سياسة وليس قَدَرًا
ما يحدث في غزة ليس قَدَرًا إلهيًا ولا نتيجة حرب متكافئة. إنه مشروع احتلال صهيوني واضح، مدعوم بصمتٍ رسميٍ عربيٍ ودولي مخجل. الإبادة تُمارَس بدم بارد، والتجويع يُستخدم كسلاح في وجه المدنيين، في خرقٍ فاضح لكل القوانين الدولية. لكن الأخطر من القصف هو التبرير. والأسوأ من القتل هو من يلتزم الصمت.
صمت الأوغاد والجبناء… خيانة موثقة
من لا يرى أن غزة تُباد، فهو شريك في الجريمة. ومن يراها ولا يندد، فهو جبان. الصمت لم يعد موقفًا. الصمت اليوم خيانة. صمت بعض القادة، صمت بعض المؤسسات، صمت بعض “العلماء” و”النجوم”، هو أخطر من طائرات الاحتلال. إنه طعنة في ظهر القضية، وهو ما يُطيل عمر المأساة.
غزة… المعيار الأخلاقي لعصرنا
في النهاية، ستبقى غزة هي المعيار. المعيار الذي يُفرز الرجال من الأقزام، والأحرار من الخانعين، والشرفاء من العملاء. غزة ليست فقط قضية شعب، بل اختبار يومي لإنسانيتنا.
فمن وقف مع غزة بصدق، كتب اسمه في صفحات التاريخ.
ومن صمت أو نافق أو تواطأ، سقط في مزبلة الأخلاق، ولو رفع شعارات براقة