مايجب أن يقال: قاعدة العديد والعدوان الصهيوني على الدوحة: حدود التحالفات والسيادة

بقلم : جمال بن علي
شكل العدوان الصهيوني الغاشم على الدوحة صدمة إقليمية ودولية، ليس فقط بسبب خرقه الصارخ للقانون الدولي، بل لأنه وضع قاعدة العديد الجوية – أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط – تحت المجهر. فالسؤال الذي يفرض نفسه اليوم: لماذا لم تتدخل القاعدة للتصدي للهجوم، مادامت قطر تُقدَّم كحليف استراتيجي للولايات المتحدة خارج حلف الناتو؟
1. قاعدة لحماية المصالح الأمريكية أولًا
العديد ليست قاعدة دفاع قطري بحت، بل قاعدة أمريكية–قطرية مشتركة. وظيفتها الأولى حماية مصالح واشنطن في المنطقة، وإدارة عملياتها العسكرية في الخليج وسوريا والعراق وأفغانستان. قرار تشغيل أنظمة الدفاع الجوي فيها يبقى بيد القيادة المركزية الأمريكية، لا بيد الدوحة. وهذا يفسر لماذا لم تُفعّل القاعدة لصد الهجوم الصهيوني.
2. ازدواجية المواقف الأمريكية
الولايات المتحدة تعتبر إسرائيل الحليف الأكثر قربًا، بينما تُصنّف قطر كـ “حليف استراتيجي خارج الناتو”. لكن لحظة العدوان أثبتت أن واشنطن مستعدة لغض الطرف عن أي تهديد مصدره تل أبيب، حتى لو كان موجها ضد شريك رئيسي مثل الدوحة. وهذا يعكس حدود التحالفات المبنية على المصالح المتغيرة لا على التزامات الدفاع المشترك.
3. اختبار السيادة القطرية
الهجوم لم يستهدف قطر عسكريًا فقط، بل أصاب سيادتها في العمق. إذ طرح تساؤلات شعبية وسياسية حول معنى استضافة قاعدة أجنبية ضخمة إذا لم تمنع اعتداءً مباشرًا على العاصمة. هذا يدفع القيادة القطرية لإعادة التفكير في معادلة “الأمن مقابل القاعدة”، خاصة مع تنامي الوعي الوطني والشعبي.
4. مستقبل قاعدة العديد بعد العدوان
الاستمرار بشروط جديدة: قطر قد تطالب واشنطن بتعهدات أوضح بحماية أجوائها، وإلا فإن وجود القاعدة يفقد مبرراته.
تنويع الشراكات الدفاعية: الانفتاح على قوى أخرى كتركيا، الصين أو روسيا لتقليل الارتهان للقرار الأمريكي.
توظيف القاعدة كورقة ضغط: استغلال أهميتها لواشنطن للتأثير في مواقفها تجاه أمن قطر والقضية الفلسطينية.
العدوان الصهيوني على الدوحة لم يكن مجرد خرق أمني، بل كشف هشاشة معادلة الأمن والسيادة في الخليج. فقاعدة العديد التي رُوّج لها كضمانة استراتيجية، تحولت إلى مرآة تُظهر بوضوح أن الحماية الحقيقية لا تأتي إلا من تعزيز القرار الوطني المستقل، وتنويع أوراق القوة، وعدم الارتهان الكلي لأي قوة أجنبية مهما بلغ نفوذها.



