هل حان الوقت لتشكيل لوبي جزائري قوي في فرنسا؟

بقلم: جمال بن علي
بين مدٍّ وجزرٍ في العلاقات الرسمية بين الجزائر وفرنسا، بسبب مواقف اليمين المتطرف.
يبرز داخل البرلمان الفرنسي حراك جديد تقوده مجموعة من النواب من أصول جزائرية، يحملون في مواقفهم صوت الذاكرة والكرامة، ويدافعون بشجاعة عن صورة الجزائر ومصالح جاليتها.
من بين هذه الوجوه، تبرز صبرين صباحي، النائبة الجريئة التي تدعو إلى تجاوز النظرة الاستعلائية تجاه الجزائر وشعبها، وتؤمن بأن العلاقة بين البلدين يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
هؤلاء النواب، بما يملكونه من معرفة بالمجتمع الفرنسي وإلمامهم العميق بثقافة الجزائر وتاريخها، يمثلون اليوم جسراً سياسياً وإنسانياً بين الضفتين.
حضورهم داخل المؤسسات الفرنسية يفتح نافذة جديدة لإسماع صوتٍ مختلف، يعبر عن توازنٍ بين الانتماء والولاء، بين الذاكرة والواقعية.
لكن السؤال المطروح بإلحاح هو:
ألم يحن الوقت لتشكيل لوبي جزائري منظم وفاعل داخل فرنسا؟
لوبي يضمّ شخصيات سياسية وثقافية ورياضية مؤثرة — من نواب وبرلمانيين إلى نجوم كرة القدم مثل زين الدين زيدان، كريم بن زيمة، كيليان مبابي، رياض محرز فنانين مثل لونا خوذري و أمال بنت — بما يملكونه من تأثير إعلامي وشعبي يمكن أن يخدم صورة الجزائر ويعزز حضورها في الساحة الفرنسية.
في الديمقراطيات الغربية، النفوذ لا يُصنع بالتصريحات الرسمية وحدها، بل عبر القوة الناعمة، أي من خلال التأثير الثقافي والإعلامي والاجتماعي و الرياضي
ومع وجود أكثر من 5,, ملايين جزائري في فرنسا، فإن الجالية الجزائرية تمتلك من العدد والكفاءة ما يجعلها قوة ضغط سياسية وثقافية قادرة على تعديل موازين الخطاب وإعادة صياغة العلاقة مع باريس على أساس الاحترام والمصلحة المتبادلة.
لقد أثبتت تجارب الجاليات الأخرى، مثل اللوبي البناني أو التركي، أن النفوذ لا يُمنح بل يُنتزع عبر التنظيم والوعي المشترك.
والجزائر اليوم تملك من الطاقات والرموز ما يكفي لبناء جسرٍ متين بين العاصمتين، جسرٍ يُقام على الرؤية الإستراتيجية والحنكة الدبلوماسية.
إن صوت صبرين صباحي ومن يشبهها من أبناء الجالية ليس مجرد صدى للذاكرة ، بل هو نداء وطني صامت يدعو الجزائر إلى الاستثمار في طاقاتها في المهجر، وتوحيد جهودها ضمن رؤية وطنية حديثة ومتماسكة.
لقد آن الأوان لأن تنتقل الجزائر من موقع الدفاع إلى موقع التأثير، ومن ردّ الفعل إلى صناعة القرار. فـتشكيل لوبي جزائري قوي في فرنسا لم يعد حلمًا بعيد المنال، بل أصبح ضرورة تاريخية تفرضها مكانة الجزائر وتاريخها العريق ودورها في المتوسط والعالم الفرنكوفوني.



