آخر الأخبار
زمن العسكر/ القلاع و البوصلة..آخر إصدارات زمال أحمد عطاف يتلقى مكالمة هاتفية من وزير خارجية سلطنة عُمان الشقيقة بدر البوسعيدي الليبيون يخرجون رفضا لعرقلة "قافلة الصمود" ويطالبون بعدم الالتفاف على القضية الفلسطينية إيران تطلق الموجة الثالثة من الصواريخ ردا على الهجمات الإسرائيلية رئيس الجمهورية يولي عناية خاصة للإذاعات المحلية وتطويرها الجزائر تعرب عن إدانتها للعدوان الإسرائيلي السافر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بعدم مشاركتها مباشرة في أي ضربة على إيران طهران تتعرض لهجوم شنه الكيان الصهيوني على العاصمة طهران وسماع دوي انفجارات في شرق العاصمة بحي محلتي... الإعلام الوطني سيواصل العمل لحماية الموروث الحضاري والثقافي الوطني مقتل ما لا يقل عن 110 أشخاص في حادث الطائرة المنكوبة في الهند سقوط طائرة هندية كانت في طريقها إلى لندن سلمى بختة منصوري تشارك في أشغال الاجتماع الوزاري لمتابعة توصيات منتدى التعاون الصيني-الإفريقي (FOCAC... آبل تغيّر قواعد اللعبة!.. تغيير شامل في تصميم "آيفون" وميزات ذكاء اصطناعي غير مسبوقة ابتكار ثوري لإزالة الجلطات الدموية من الجسم سفيان شايب يواصل سلسلة اللقاءات الدورية مع رؤساء المراكز القنصلية بالخارج "الأكثر تفصيلا على الإطلاق".. إصدار خارطة جديدة للكون الجزائر ستتمكن من رفع كل التحديات بفضل كفاءة منظومتها الدفاعية ودبلوماسيتها الرصينة النمسا: سقوط قتلى بينهم "عدد من التلاميذ" في إطلاق نار بمدرسة جنوب شرق البلاد حاكم كاليفورنيا يعتزم مقاضاة ترامب بسبب أحداث لوس أنجلوس تباين أداء «وول ستريت» مع بدء مفاوضات أميركية - صينية جديدة
حديث الأمس

الطاقة المهملة

بقلم الدكتور علي بن محمد

من أبرز ما يلفت الانتباه، في الرقعة الواسعة المتخلفة من العالم ، أن الممارسة فيها تناقض كل يوم النوايا بكل حزم . وكأن الأفعال لا تصدر عن الناس إلا لتكون تكذيبا قاطعا للأقوال، وتلك علامة التخلف .

ومن تطبيقات ذلك أن الحديث عن الإنسان لا يكاد ينقطع، فهو القيمة العظمى ورأس المال الذي لا مثيل له ، والطاقة الخلاقة التي تصنع التقدم والازدهار وهو لذلك عامل رئيسي من عوامل التنمية ، وغايتها الرئيسية … وهذا كله كلام جميل للغاية من الناحية النظرية.

ولا تقف النظرية هنا ولكنها تصيب “كبد الحقيقة” كما يقال حين تتناول الإمدادات الطبيعية لها فتشدد في الجث على العناية بتكوين الإنسان، فبالتكوين وحده ينهض الإنسان بدوره في مخططات التقدم والازدهار.

أجل، إن التكوين وتكوين المكونين ومكوني المكونين سيهيئ للبلاد جيشا من أبنائها القادرين على التحكم في الإنتاج وفهم الأسرار التكنولوجية وترقية البحث العلمي … إلى غير ذلك من التعابير البراقة المغرية …

وبما أن لكل سياسة وسائلها اللازمة لنجاحها ولكل مشروع “غلافه” النقدي الضروري لنقله إلى حيز التنفيذ فإن بلدان العالم الثالث المتخلفة، الفقيرة تسارع إلى إبرام العقود وتوقيع الاتفاقات وتعبئة الموارد المالية طبعا لإيفاد شبابها إلى حيث العلم الراقي والتكنولوجية المتقدمة.

كل هذا عمل جليل وتصرف صائب، لا أحد يجد فيه موطنا للطعن أو المؤاخذة لو أنه تخلص من آفة واحدة تنخر أساسه وتقوض كل دعائمه : إنها الإهمال في أقبح صوره وأشنع مظاهره.    

فالذين يُرسَلون لتلقي التكوين في الخارج يفقدون كل اتصال لهم ببلادهم بمجرد خروجهم منها وتبقى العلاقة الوحيدة التي تربطهم بها هي مبلغ المنحة الذي يصب لهم كل شهر أو كل ثلاثة أشهر في حسابهم الجاري ولا شيء غير ذلك، لا سائل يسأل عنهم ولا متفقد لأحوالهم ولا متصل بهم يتابع خطواتهم ويبقي على علاقتهم بالوطن، كل ذلك في وسط فيه من المغريات ما يسلب العقول والقلوب.

وتنتهي فترة التكوين فتجني البلدان التي تعرف قيمة الإنسان المكون دون أن تملأ الدنيا صخبا بالحديث عن        ذلك تجنى الثمار اليانعة ، ذات القطوف الدانية ، فتكسب الطاقة البشرية المؤهلة و المدربة ، تلك التي اتفقت على تدريبها و تأهيلها دول العالم الثالث من مال السائل ، و المحروم و الجائع و المسلول و فئات أخرى من المعذبين لا تحصى و لا تعد.

تلك مصيبة نفدت في وصفها المحابر ، و ألف فيها من الكتب ما لا حاجة إلى العودة إليه. ولكن الذي هو أدهى وأمر أن نجد الفئة القليلة من المكونين العائدين الذين تحداهم الإغراء فصمدوا في وجه دواعيه ، و نصبت لهم شباك الصيادين المهرة فأفلتوا منها سالمين ، أن نجدهم في أوطانهم  بعد العودة بطالين ، يترددون على المكاتب فلا يستقبلون ، و يكتبون إلى “من يعنيهم الأمر” فلا يجابون ! وكأن كل شيء يزهدهم في البقاء ، و يحثهم على الارتماء في الشباك راضين ، مستسلمين . و إلى الذين لا يتصورون حجم المشكلة، أسوق هذا النموذج للتمثيل على ما يقع من الغرائب.

كنت واقفا أمام مبنى الجامعة انتظر صديقا لم يحن بعد وقت وصوله، وإذا بشاب يتجه نحوي و على وجهه امتعاض إنسان مخدوع واقترب مني فبدا لي أنني أعرفه أو أنني على كل حال لا أراه لأول مرة، و لاحت منه نظرة خاطفة إلي فردها بشيء من الاشمئزاز وكأنه أنكر علي أن أحدق في وجهه بتلك الفضولية السافرة ثم رفع جفنه بسرعة و قد أدرك حقيقة من يحدق فيه ، فجاء إلي بابتسامة من يحاول أن يطرد الهم عن نفسه، لقد أسعفته ذاكرته بسرعة، فذكر اسمي وهو يمد إلي يد المصافحة، و سألني عن الصحة والأحوال، وأعطاني الدليل القاطع على أنه يعرف كل أخباري قديمها و جديدها. وعلم أنيى لم أتوصل بعد إلى استعادة ما ند عني من الذاكرة ، فأعادني إلى صوابي، وإذا به من صغار زملاء الدراسة، واستفسرته عن سبب الأسى الذي سكن كل ملامح وجهه فقال : أنهيت دراستي الجامعية قبل سبع سنوات ، و أرسلت إلى بلجيكا للدراسة العليا فنلت ، بعد ثلاث سنوات ، الماجستير. وعرض علي العمل هناك بشروط مغرية فقبلت، وعملت بضعة شهور ولكن ضميري لم يرحني ففسخت العقد وعدت إلى الوطن، فتقدمت إلى الخدمة الوطنية و أديت بها السنتين المطلوبتين و أودعت ملفي أطلب معادلة شهادتي و قبولي في الجامعة و ها أنا ذا منذ ما يقرب من سنتين أجري من مكتب إلى مكتب، وأقدم الملف تلو الآخر للجنة بعد أخرى ثم أضاف بمرارة ، أما زملائي الذين درسوا بفرنسا فقد سويت أوضاعهم عند أول اتصال !

انتهى

علي بن محمد

علي بن محمد هو سياسي وباحث جزائري، شغل منصب وزير التربية في حكومة حمروش الثانية وحكومة غزالي الأولى والثانية، وسفير للجزائر بالقاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر + 11 =

زر الذهاب إلى الأعلى