الشيخ شمس الدين الجزائري… حينما تتحول الكتابة إلى عبادة
خواطر من الزمن الجميل…..بقلم ياسين تاكليت
لم يكن بوسعنا في بداية التسعينيات من القرن الماضي..ان يدعي بعضنا انه إعلامي دون غيره…فالإعلام في تلك الأيام…كان حرفة الموت..لا يدعيها احد…لكننا نعرف بعضنا جيدا من خلال العطاء و البذل أولا..وأيضا من خلال بعض الفضاءات المفتوحة خصيصا للتجاوب فيما بين الإعلاميين و محيطهم المهني بشكل عام….
فكانت جمعية الجاحظية برئاسة الأديب الراحل الطاهر و طار إحدى المنارات الهامة و الملتقيات اليومية للسادة المجاهدين…اقصد الصحفيين العزل الذين لم يكسروا أقلامهم تحت التهديد و الوعيد و راحوا يكملون المهام بكل قوة و يقين….من الفضاءات الحيوية المفتوحة بين الإعلام و محيطه…نادي الصحفيين و الفنانين بالإذاعة الوطنية و الذي ساعدنا كثيرا في انجاز الحوارات و التحقيقات و غيرها…كل ذلك لان الظرف حساس و طارئ بكل معنى الكلمة.
و غير بعيد عن القبة العتيقة في بلكور تحديدا تعرفت أول مرة بالشيخ شمس الدين الجزائري حيث كان يشرف على الجمعية الخيرية الشهيرة في مساعدة الأيتام و الشباب على تجهيز العرائس و تزويج الشباب و هو الذي دق ناقوس الخطر فيما يخص موضوع العنوسة بالجزائر.و الحقيقة أن مضامين و محتويات فكر الشيخ تتسم بالسبق و التميز في كل مرة…ما شجعه لاحقا للتوجه للكتابة.
و في إحدى المغامرات النادرة كنت و الشيخ شمس الدين و مشايخ آخرين…نكتب جميعا في أسبوعية أخبار الأسبوع العربي ذات الطابع الديني و قد أرفق رئيس التحرير أرقام هواتفنا الخاصة بمقالاتنا حتى يتسنى للقراء التواصل معنا مباشرة…غير أن الذي حدث هو فتنة بمعنى الكلمة..فكانوا يطلبون الفتوى من جميع الكتاب و المشايخ ثم يزرعون الفتن فيما بينهم…عن نفسي لم أطلق أية فتوى بطبيعة الحال لكنني تألمت لما أل إليه الأمر و طلبت ان أعفى من تلك المهمة
وحينما التقيت الشيخ لاحقا في شارع اودان و كان يتأهب للحج…طلب مني سبب اختفائي فأجبته…فقال لي..إذا لم تكتب أنت يا أخي فمن عساه يكتب ؟..نعم كنت اكتب يا سيدي عن قرميذ حارتنا لماذا هجره الحمام الزاجل و الطيور الناعمة…اكتب عن تلك القسوة التي أنتجها الإرهاب الغاشم اتجاه شعب طيب مسالم….وعن رواسب تلك البشاعة إلى يوم الناس هذا….لقد تألمنا طويلا و شعرنا باليأس لسنوات…و الخلاصة أن منارات دينية و فكرية نادرة حملت العبء و مضت في الطريق الموحش المظلم و لذلك تجد علاقة ذلك الجيل المجاهد في فضاء الكتابة و الإبداع هي علاقة حميمة حقيقية لا تشوبها المصلحة أو الذاتية بل هي مشاعر نبيلة حاصرتها المخاطر و أهوال الإرهاب
والتقيت الشيخ مرة أخرى فأردت أن استفز صبره جملة واحة فقلت له أوكلت عليك الله يا شيخ….فكيف كان جوابه…بدون ادني تردد قال لي…فقد أوكلت حكيما…أطال الله في عمر الشيخ شمس الدين الجزائري و كامل الشرفاء الذين تصدوا بأقلامهم لاغتيال الوطن و اجر الجميع على الله…
وددت أن استرسل أكثر في الموضوع لكن الإعياء الحاد بسبب الكوفيد يمنعني فأرجو المعذرة من الجميع